أسعار الذهب ترتفع في الأسواق العالمية وسط تزايد مخاوف المستثمرين من تصاعد التوترات بين الصين وتايوان

لم يكن المستثمرون الأجانب يتوقعون يوماً أن تتجه الصين نحو غزو تايوان، ولكن مع تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، بات الكثيرون يرون أن هذا السيناريو يستدعي الاستعداد رغم احتمالاته الضئيلة.

تُعتبر تايوان، التي تتمتع بحكم ديمقراطي مستقل عن الصين، نقطة خلاف رئيسية في العلاقات الأميركية الصينية، والتي تدهورت بشكل ملحوظ منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض في يناير وفرضه تعريفات جمركية أثرت على الأسواق.

في ظل هذه الظروف، يخشى المستثمرون من أن أي محاولة من الصين للاستيلاء على ما تعتبره أرضاً “مقدسة” قد تُفضي إلى حرب تؤدي إلى إنهاء هوية تايوان كسوق للعملة الخاصة بها، مما يدفعهم لتجنب الاستثمار في الجزيرة.

وفي هذا السياق، يقول موكيش ديف، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة أرافالي لإدارة الأصول ومقرها سنغافورة: “من الصعب التحوط من خطر أي غزو. إذا حدث غزو فلا يمكن تسوية أية صفقات وقد تختفي العملة تماماً”

تشير التوقعات إلى ارتفاع احتمالات غزو الصين لتايوان إلى 12% على منصة المراهنات “بولي ماركت”، بعد أن كانت قريبة من الصفر في وقت سابق من العام الحالي.

سحب المستثمرون الأجانب حوالي 11 مليار دولار من سوق الأسهم التايواني هذا العام قبل العودة للاستثمار في الجزيرة خلال مايو، إلا أن المؤشر القياسي لا يزال منخفضاً بنسبة 6% مقارنة ببداية العام.

جدير بالذكر أن الولايات المتحدة اتبعت لفترة طويلة سياسة “الغموض الاستراتيجي” تجاه تايوان ولم توضح ما إذا كانت سترد عسكرياً على أي هجوم. ومع ذلك، صرح الرئيس الأميركي السابق جو بايدن خلال فترة ولايته بأن القوات الأميركية ستدافع عن الجزيرة إذا تعرضت لهجوم من الصين.

أثارت التوترات الجيوسياسية المتزايدة نتيجة حديث ترامب عن نظام عالمي جديد وتجاهله لاستيلاء روسيا على أوكرانيا شكوكاً حول مدى فعالية الحماية الأميركية لتايوان.

على الرغم من أن تهديد الغزو الصيني يعود إلى عام 1949 حينما لجأت حكومة جمهورية الصين المهزومة إلى تايوان بعد خسارتها الحرب الأهلية ضد شيوعيي ماو تسي تونغ، إلا أنه لم يحدث تبادل إطلاق نار بين الجانبين لعقود طويلة.

ومع ذلك تصاعدت التوترات عبر مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن الصين وزادت مخاوف المستثمرين بسبب المناورات الحربية الصينية التي استمرت يومين حول تايوان في أبريل الماضي.

جاءت أحدث الانتقادات اللاذعة هذا الأسبوع عندما استغل رئيس تايوان لاي تشينغ تي مؤتمراً صحفياً بمناسبة مرور عام على توليه المنصب للتأكيد على أهمية السلام مع الصين. ويشار إلى أن لاي يُعتبر “انفصالياً” وفقاً للصين ويرفض مزاعم بكين بالسيادة مؤكداً حق شعب الجزيرة في تقرير مصيره.

يشهد مؤشر غولدمان ساكس للمخاطر عبر المضيق والذي يقيس شدة المخاطر الجيوسياسية ارتفاعًا مستمرًا منذ فوز ترامب بالانتخابات الأميركية العام الماضي. وفي تعليق له قال ستيف لورانس، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة بالفور كابيتال: “إذا وقع عدوان على تايوان سيكون أمام المستثمر خياران: إما البقاء مكشوفًا أمام التقلبات أو الخروج سريعًا للحفاظ على رأس المال”

جوهرة التاج

تركز الاستثمارات في تايوان بشكل كبير على شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC)، التي تُعد أكبر شركة لتصنيع الرقائق بالعالم وجوهرة الصناعة.

أسهمت TSMC التي تعد شركتي إنفيديا وأبل من عملائها الرئيسيين وسوق أسهمها مدرجة بكل من تايبيه ونيويورك بدفع سوق الأسهم الأميركية نحو مستويات قياسية مبكرة هذا العام. كما قال ديف من أرافالي: “شركة TSMC ضخمة لدرجة أن المستثمرين يتوقعون دعم الولايات المتحدة القوي لحماية تايوان بفضلها”

مع ذلك كانت الشركة هدفًا لترامب عندما فرض رسوماً جمركية عليها في أبريل ثم أرجأ بعضها لاحقًا. ومن جهة أخرى يعتقد مديرو صناديق محلية أنه رغم صعوبة التحوط ضد حرب فعلية فإن هناك خيارات للتحوط ضد الانخفاض المحتمل للأسواق بسبب مخاوف الحرب.

وعلى النقيض يرى لي فانغ كو رئيس وحدة استشارات الاستثمار بالأوراق المالية بشركة يوني بريزيدنت بتايوان أنه ليس هناك حاجة لمثل هذا التحوط حيث يعتقد أن تقديرات المستثمرين الأجانب لمستوى المخاطر عبر المضيق مبالغ فيها قائلاً: “لا ينبغي تفسير الأمور فقط من منظور المخاطر الجيوسياسية فالقضية الرئيسية للأسواق حالياً هي الرسوم الجمركية”

وفي ختام الحديث قال ريتش نوزوم كبير استراتيجيي الاستثمار العالميين بشركة ميرسر لاستشارات صناديق التقاعد إن عملاءه الذين درسوا المخاطر وجدوا أفضل خيار هو تنويع الاستثمارات.