
عادت المخاوف إلى وول ستريت بشأن الاستثمارات الأميركية بعد أن تلقّى المستثمرون تحذيراً خطيراً يتعلق بأكثر الأصول أماناً في العالم: الديون الأميركية
فقد خفّضت وكالة «موديز» التصنيف الائتماني للولايات المتحدة مساء الجمعة من الدرجة المثالية AAA، لتصبح بذلك آخر وكالة تصنيف كبرى تنزع عن سندات الخزانة الأميركية سمعتها الناصعة، وعللت «موديز» قرارها بخفض التصنيف –وهو الأول من نوعه منذ عام 1917– بارتفاع مستويات الدين الأميركي بشكل مقلق، إضافة إلى عدم وجود توافق في واشنطن حول حلول لعجز الميزانية.
ورغم هذا الخفض، أنهت الأسواق الأميركية جلسة الاثنين على ارتفاع طفيف بعد تراجعها في بداية التداولات؛ إذ صعد مؤشر داو جونز بمقدار 137 نقطة أو 0.3%، وارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.09%، بينما زاد مؤشر ناسداك التكنولوجي بنسبة 0.02%.
لكن المستثمرين أقبلوا على بيع سندات الخزانة الأميركية، ما أدى إلى ارتفاع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى نحو 4.5%، فيما تجاوز العائد على السندات لأجل 30 عاماً نسبة 5% في بعض الفترات.
في المقابل، تراجع الدولار بنسبة 0.6% أمام سلة من العملات، بينما ارتفع الذهب –كملاذ آمن تقليدي– بنسبة 1.5% ليصل إلى 3,232 دولار للأونصة.
شهد المستثمرون في الأصول الأميركية تقلبات كبيرة هذا العام؛ ففي منتصف فبراير، قفزت الأسهم إلى مستويات قياسية بسبب التفاؤل بسياسات الرئيس دونالد ترامب الداعمة للأعمال والتخفيضات الضريبية، لكن هذا التفاؤل تحوّل إلى قلق شديد في ظل السياسات التجارية التصعيدية لترامب، ما دفع المستثمرين إلى الخروج من الأصول الأميركية فيما بات يُعرف بـ«موجة بيع أميركا»، التي دفعت السندات والدولار إلى التراجع وكادت تدفع الأسهم إلى دخول سوق هابطة في أبريل.
غير أن هدنة تجارية مؤقتة منتصف أبريل أعادت بعض الثقة إلى الأسواق قبل أن تعود موجة القلق مجدداً مع خفض تصنيف الدين يوم الجمعة.
وحاول وزير الخزانة سكوت بيسنت طمأنة الأسواق قائلاً إن قرار «موديز» استند إلى بيانات قديمة، مكرراً ما كانت قد صرحت به وزيرة الخزانة السابقة جانيت يلين عندما خفضت وكالة «فيتش» تصنيف الولايات المتحدة عام 2023.
وأضاف بيسنت في تصريح لـCNN يوم الأحد أنه «لا يعطي وزناً كبيراً لتقرير موديز»، وعندما سأله المذيع جيك تابر عما إذا كانت خطة ترامب لخفض الضرائب –المعروفة باسم «مشروع القانون الجميل الكبير»– ستزيد من تفاقم أزمة الدين الأميركي، أجاب بأن الخطة ستؤدي إلى نمو اقتصادي يخفض من نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
جدير بالذكر أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي بلغت 92% في الربع الثاني من عام 2011 عندما خفّضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف لأول مرة، أما اليوم فقد بلغت 123%، بحسب بيانات وزارة الخزانة.
لكن محللين في الأسواق حذروا من أن خفض «موديز» قد يتسبب في صدمة جديدة بوول ستريت.
وفي مذكرة للمستثمرين يوم الاثنين قالت «سيتي غروب» إن الخفض بدرجة واحدة عن التصنيف المثالي «لن يكون له تأثير كبير على المستثمرين»، لكنها أضافت: «رغم ذلك فإن توقيت هذا القرار سيئ للغاية لا سيما مع تراجع الإيرادات الجمركية وتزايد الإنفاق المالي»
وحذّرت «سيتي» من أن الولايات المتحدة قد تواجه «لحظة ليز تراس» –في إشارة إلى الأزمة التي شهدتها بريطانيا عام 2022– إذا مضت في خفض الضرائب في وقت خاطئ اقتصادياً، ووافق عدد من المحللين على هذا الرأي.
التداعيات المحتملة للقرار الأخير
وقال كريس روبكي، كبير الاقتصاديين في شركة FwdBonds: «التقديرات المفرطة لعائدات مشروع القانون الكبير في واشنطن هي جوهر المشكلة»، مشيراً إلى أن خفض تصنيف الولايات المتحدة من قبل S&P في أغسطس 2011 أدى حينها إلى هبوط حاد في الأسواق إذ فقدت الأسهم نحو 7% من قيمتها يوم الاثنين الذي تلا ذلك القرار بينما كان رد الفعل أكثر هدوءاً عند خفض تصنيف «فيتش» في 2023
من جهتهم اعتبر دعاة ضبط الإنفاق أن خفض التصنيف من قبل «موديز» يمثل جرس إنذار حول عبء الدين غير المستدام في أميركا.
وقال مايكل بيترسون، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «بيتر بيترسون» المعنية بالاستقرار المالي: «إذا كان هناك من يبحث عن مؤشر يقول إن الوقت قد حان للتوقف عن إضافة المزيد إلى الدين القومي فما عليه إلا أن ينظر إلى قرار موديز»، مضيفاً: «من غير المقبول أن تتسبب دولة عظيمة مثل أميركا في الإضرار بتصنيفها الائتماني»
ماذا تعني موجة «بيع أميركا»؟ إذا عادت وول ستريت إلى حالة «بيع أميركا»، فإن العواقب قد تكون قاسية.
ففي أواخر الشتاء ومطلع الربيع سحب المستثمرون أموالهم من الأسهم والسندات الأميركية –حتى تلك المصنّفة آمنة– ووجهوها نحو الذهب والأسواق الخارجية ارتفعت عوائد السندات الأميركية بشكل كبير وبلغ سعر الذهب الفوري مستويات غير مسبوقة فوق 3,000 دولار للأونصة في مارس.
قد يهمك أيضاً :-
- أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا في الأسواق العالمية اليوم، والريال السعودي يتقابل مع الجنيه المصري الثلاثاء 20 مايو 2025
- ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم وإطلاق مسرّعة «اصنع في الإمارات» لدعم الشركات الصناعية الناشئة
- أسعار الذهب ترتفع في الأسواق العالمية بينما يواصل اليوان تراجعه بعد خفض الصين لأسعار الفائدة الأساسية
- ارتفاع أسعار الذهب عالمياً اليوم وإندونيسيا تتوقع نمواً اقتصادياً بين 5.2% و5.8% في 2026
- أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا في الأسواق العالمية اليوم، وصادرات ماليزيا تسجل زيادة بنسبة 16.4% في أبريل 2025
تعليقات