ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم ميناء هاينان للتجارة الحرة يفتح أبواب الصين نحو تكامل اقتصادي مع العالم العربي

ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم ميناء هاينان للتجارة الحرة يفتح أبواب الصين نحو تكامل اقتصادي مع العالم العربي

ينعقد يوم الاثنين، 19 مايو 2025، في الإمارات «مؤتمر ترويج ميناء هاينان للتجارة الحرة– الإمارات 2025»، حيث سيحضر المؤتمر فينغ فاي، أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني بمقاطعة هاينان المعروفة بـ«هاواي الشرق». ويهدف المؤتمر إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والإمارات وتوطيد الشراكة الثنائية بين ميناء هاينان والإمارات في مجالات مثل التجارة والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة.

تكتسب هذه الفعالية بعداً استراتيجياً مهماً، يتمثل الأول في الانتقال من مرحلة اتفاقيات الشراكة المتعددة التي وُقعت بين الإمارات وهاينان عام 2023 إلى مرحلة التطبيق الفعَّال. بينما يندرج البعد الثاني ضمن الترويج لمرفأ هاينان كمَعلم يعيد تشكيل خريطة التجارة الدولية المستقبلية.

مع اقتراب دخول نظام الجمارك الخاص بهاينان حيز التنفيذ الكامل في مايو 2025، تصبح الجزيرة أول منطقة في الصين تعتمد نظام «التحرير الكامل في الخط الأول والتحكم في الخط الثاني». وفي هذا السياق، يُشير سوي باوقوه، نائب رئيس جمعية تعزيز الثقافة الصينية وخبير الموانئ الحرة في جامعة هاينان ومستشار لدى جمعية التجارة في هاينان للـCNN الاقتصادية، إلى أهمية الربط بين الصين والخليج وسط تحديات الحواجز والتكتلات.

جدير بالذكر أن هاينان، على الرغم من كونها من أصغر المقاطعات مساحةً، تحمل أحلاماً اقتصادية كبيرة للصين. تسعى الحكومة الصينية لتحويلها إلى أكبر منطقة تجارة حرة في العالم ومركز تجريبي وطني لتقنيات البلوك تشين والمدفوعات الرقمية. ومن خلال استراتيجية ميناء التجارة الحرة والتركيز على إلغاء الرسوم الجمركية وخفض معدلات الضرائب وتبني أنظمة ضريبية مبسطة، دخل ميناء هاينان للتجارة الحرة مرحلة جديدة من النمو المنظم والتطور المتسارع.

وفي رأي سوي، تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً محورياً في تطوير ميناء هاينان للتجارة الحرة نظراً للتكامل الكبير بين الجانبين. تُعتبر الإمارات مركزاً لوجستياً ومالياً رائداً في الشرق الأوسط وتتمتع بشبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة ما يوفر للشركات الصينية بوابة ملائمة للوصول إلى أسواق طرف ثالث عبر هاينان.

من ناحية أخرى، يجري تطوير هاينان كبوابة رئيسية نحو المحيطين الهادئ والهندي لتعزيز تحرير التجارة وتسهيل الاستثمار وتدفق البيانات عبر الحدود. وبمجرد بدء العمل الجمركي الكامل عام 2025، سيُحدث نموذج «التحرير في الخط الأول والتحكم في الخط الثاني» تحوّلاً كبيراً في كفاءة حركة السلع وخاصةً فيما يتعلق بقطاعات الغاز الطبيعي المسال والاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية.

هذا التعاون يمثل فرصة لإعادة تشكيل علاقات الصين بدول الخليج بشكل أوسع حيث يتجاوز التركيز التقليدي على تجارة الطاقة نحو شراكات أكثر تنوعًا ومؤسسية. ولعل السياسات الجديدة للإعفاء الجمركي التي تطبقها هاينان تعزز مزايا الإمارات بالنسبة لإعادة التصدير وقد وفرت هذه السياسات إعفاءات جمركية بلغت 1.76 مليار يوان عام 2024 مع مبيعات محلية تجاوزت 7 مليارات يوان.

على صعيد المشاريع الحالية والمستقبلية، يُظهر سوي كيف تُترجم هذه التكاملات إلى مشروعات ملموسة مثل توسع موانئ دبي العالمية عبر محطة الحاويات بمعدل طاقة يصل إلى 6.5 مليون طن سنوياً وكذلك توقيع اتفاقية توأمة موانئ بين يانغبو وميناء أبوظبي مما يعكس عمق التعاون الاستثماري والتنمية المشتركة بين الطرفين.

كما تستهدف الخطط المستقبلية تحرير التجارة واللوجستيات والطيران عبر مبادرات مثل “الممر الذكي” الذي يسعى لتحسين كفاءة التخليص الجمركي بنسبة تصل إلى 50% وتسريع الخدمات المالية ومبادرات الطاقة الخضراء. بلغ حجم الحسابات العابرة للحدود في هاينان أكثر من 100 مليار دولار عام 2024 مع دعم الصناعات المتخصصة وتبادل المواهب حيث تم إطلاق مركز صيني- عربي للقطاعات المختلفة باستثمارات أولية قدرها 5 مليارات يوان.

وفيما يتعلق بالاستثمارات الصينية المخطط لها خلال الفترة ما بين عامي 2018 و2025 ضمن الخطة الرئيسية لبناء ميناء هاينان للتجارة الحرة والتي تبلغ قيمتها حوالي 1.5 تريليون يوان (حوالي 207 مليارات دولار)، يُساهم القطاع الحكومي منها بنسبة تقارب الـ30% كما تم إنشاء صندوق خاص بقيمة 20 مليار يوان لدعم التعاون مع دول الخليج بما يشمل التجارة الدولية بالطاقة وخدمات بيانات الفضاء.

فيما يتوقع سوي أن يصل حجم التجارة السنوي بين هاينان ودول الخليج خاصة الإمارات إلى حوالي 300 مليار يوان بحلول عام 2030 مركّزًا على القطاعات ذات القيمة العالية مثل الغاز المسال وتأجير الطائرات مما يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذا المرفأ الجديد ودوره المحوري كمركز تجاري عالمي متكامل.

يبقى التساؤل حول ما إذا كانت هذه المبادرات ستُسهم فعلاً في وضع أسس جديدة لتكامل اقتصادي عربي- آسيوي قد يتحقق أخيراً وسط التحديات القائمة والتي تتطلب تعاونًا وثيقًا لتحقيق الأهداف المنشودة للجميع.

قد يهمك أيضاً :-