أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا في الأسواق العالمية اليوم وسط تفاؤل بالاتفاق التجاري وتزايد الضبابية هل تعكس هذه الزيادة مجرد هدنة مؤقتة؟

أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا في الأسواق العالمية اليوم وسط تفاؤل بالاتفاق التجاري وتزايد الضبابية  
هل تعكس هذه الزيادة مجرد هدنة مؤقتة؟

رغم الارتياح المبدئي الذي أشاعه الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إلا أن هناك مجموعة من العوامل الجوهرية ما تزال تُبقي الأسواق العالمية في حالة من الجمود والترقب، حيث يتوقع أن تبقى الأسواق، سواء في الأسهم أو العملات أو المعادن، ضمن نطاقات محدودة نسبياً على المدى القصير بانتظار وضوح أكبر في مسار الاتفاقات التجارية والسياسات النقدية.

التركيز على خفض الرسوم الجمركية إلى 30% على واردات الصين والتي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 450 مليار دولار سنوياً جاء ضمن هذا الاتفاق، ما يولد إيرادات تقارب 150 مليار دولار. ومع ذلك، تظل هذه الإيرادات أقل بكثير من حجم العجز التجاري الأميركي مع الصين، الذي يُقدّر بنحو 300 مليار دولار سنوياً بسبب أن صادرات الولايات المتحدة إلى الصين لا تتجاوز 150 مليار دولار.

هذا الواقع يُظهر أن النسبة الحالية للرسوم تعتبر منخفضة نسبياً ولا تكفي لمعالجة الفجوة التجارية القائمة، مما يفتح المجال أمام احتمالات رفع هذه الرسوم إلى مستويات أعلى قد تصل إلى ضعف النسبة الحالية لتقارب 60%. يُعتقد أن البيت الأبيض قد يرى هذه النسبة أكثر واقعية لتحقيق توازن تجاري حقيقي إذا استطاعت الشركات الأميركية تعزيز دخولها إلى السوق الصينية.

من ناحية أخرى، كيف سيكون رد فعل الصين على هذا السيناريو؟ من المحتمل أن ترفع الصين بدورها الرسوم على السلع الأميركية من 10% حالياً إلى مستويات أعلى، مما يعيد التوتر التجاري مجدداً ويترك آثاراً سلبية على التضخم الذي قد يتجه للارتفاع وعلى النمو الاقتصادي العالمي الذي سيتعرض لمزيد من الضغوط.

في ظل هذا المناخ المشحون، يتخذ الفيدرالي الأميركي موقفاً متريثاً حيث يؤكد رئيسه وأعضاؤه في تصريحاتهم الأخيرة أن البنك المركزي يتبع نهجاً reactive يعتمد حصراً على البيانات المؤكدة وليس نهجاً proactive استباقياً كما يرغب البيت الأبيض الذي يدفع نحو خفض الفائدة سريعاً تحسباً لأي آثار سلبية متوقعة للرسوم على النمو والتوظيف.

هذا التناقض بين رغبة الإدارة الأميركية في تحفيز الاقتصاد بسرعة وبين تريث الفيدرالي وانتظاره لأرقام مؤكدة لتأثير الرسوم على التضخم والنمو يضيف طبقات إضافية من الضبابية للمشهد الاقتصادي الأميركي والعالمي.

وفي سياق الأحداث الراهنة، من المرجح أن تبقى الأسواق المالية بمختلف قطاعاتها ضمن نطاقات ضيقة في المدى القريب بانتظار حسم مصير الرسوم الجمركية وتطور العلاقات التجارية العالمية بالإضافة إلى وضوح توجهات الفيدرالي تجاه معدلات الفائدة. لذا فإن الأسواق باتت أسيرة حالة من الترقب ولن تجد محركات قوية للصعود أو الهبوط حتى تتضح الصورة بشكل أكبر.

جدير بالذكر أنه رغم كل هذه المعطيات تبقى الملفات الجيوسياسية مثل الملف النووي الإيراني والاتفاقات غير المكتملة مع كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي عوامل ضغط إضافية قد تؤجل أي حالة تفاؤل مستدامة. ما يجعل العام الجاري حتى الآن مسرحاً لحالة من الترقب والجمود مع ارتفاع احتمالات التقلب في أي لحظة بحسب تطورات المشهد التجاري والجيوسياسي.

تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية والآراء الواردة فيها تمثل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.

قد يهمك أيضاً :-