<p></p>
<p>
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحليلًا جديدًا يتناول موضوع "الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل". يسلط التحليل الضوء على التحولات التي تشهدها أسواق العمل العالمية، بما في ذلك انخفاض معدلات البطالة وزيادة أعداد العاملين، وكذلك تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف التقليدية وزيادة الطلب على المهارات الرقمية. كما يستعرض الوظائف التي يُتوقع أن يزيحها الذكاء الاصطناعي وتلك التي يصعب استبدالها.
</p>
<p>
يُبيّن التحليل أن عام 2025 جاء مع تحولات متواصلة في أسواق العمل العالمية، متأثرة بجائحة كوفيد-19 وارتفاع تكلفة المعيشة والصراعات الجيوسياسية، بالإضافة إلى حالة الطوارئ المناخية والركود الاقتصادي. تظهر البيانات الاقتصادية أن معدل البطالة العالمي انخفض إلى أدنى مستوى له منذ عام 1991، حيث بلغ 4.9% في عام 2024، رغم أن الدول ذات الدخل المنخفض شهدت زيادة في معدل البطالة، من 5.1% في 2022 إلى 5.3% في 2024.
</p>
<p>
كما تناول التحليل تطور أعداد العاملين عالميًا بين عامي 2014 و2024، حيث بلغ إجمالي القوى العاملة 3.1 مليارات عامل في عام 2014، مسجلًا أدنى مستوى في تلك الفترة. تبع ذلك نمو عدد العمال حتى عام 2019 ليصل إلى 3.29 مليارات عامل، لكن مع ظهور الجائحة انخفض العدد إلى 3.22 مليارات في عام 2020. ورغم ذلك، عاد النمو ليتجاوز 3.51 مليارات عامل في عام 2024، بزيادة قدرها 0.86% مقارنة بعام 2023.
</p>
<p>
يعكس تحليل شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PWC) إجراء استبيان على 4702 قائد تنفيذي في 105 دول، حيث أظهرت النتائج أن 25% من الشركات في مجالات مختلفة تخطط لتسريح نحو 5% أو أكثر من موظفيها في عام 2024 نتيجة تأثيرات الذكاء الاصطناعي. كشفت نتائج الاستبيان أن 32% من الرؤساء التنفيذيين في قطاع الإعلام والترفيه يعتزمون تقليص عدد الوظائف في 2024.
</p>
<p>
كما تشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل حوالي 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025. وفي سياق مشابه، أكدت شركة فريثينك أن 65% من وظائف البيع بالتجزئة يمكن أتمتها بحلول عام 2025 نتيجة للتقدم التكنولوجي وارتفاع التكاليف.
</p>
<p>
على المستوى الآخر، من المتوقع زيادة الطلب على عدد من الوظائف المتعلقة بالتكنولوجيا بوتيرة أسرع بحلول عام 2030. وفقًا للاستطلاع الذي أُجري من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي، كانت أهم الوظائف المتوقع زيادة الطلب عليها تتمثل في تخصصات مثل البيانات الضخمة، وهندسة التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي. ومن بين الوظائف الأخرى: تطوير البرمجيات، وإدارة الأمن، والبيانات، وتصميم واجهات المستخدم، والسائقين في خدمات التوصيل، ومتخصصي إنترنت الأشياء.
</p>
<p>
يشير تقرير بنك جولدمان ساكس إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل 300 مليون وظيفة بدوام كامل، مما قد يؤدي إلى زيادة العائدات العالمية للسلع والخدمات بمعدل 7%. ومن المتوقع أن تكون ثلثا الوظائف في الولايات المتحدة وأوروبا أكثر عرضة للأتمتة، مع وجود قائمة بأكثر الوظائف عُرضةً لهذا التغيير، مثل:
</p>
<p>
- **خدمة العملاء:** تتجه الكثير من عمليات خدمة العملاء نحو الأتمتة، حيث يُتوقع أن تُستخدم روبوتات الدردشة بشكل واسع بحلول عام 2027.
</p>
<p>
- **المحاسبون:** تُعتمد الأتمتة والذكاء الاصطناعي في العديد من العمليات المحاسبية مما يخفض الحاجة للموظفين.
</p>
<p>
- **إدخال البيانات:** يستطيع الذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة، مما يقلل من الحاجة للعنصر البشري في هذا المجال.
</p>
<p>
- **المراجعة اللغوية:** أدوات الذكاء الاصطناعي تطورت لتكون أكثر دقة في اكتشاف الأخطاء الإملائية والنحوية، مما قد يُقلل من الحاجة للمدققين البشريين.
</p>
<p>
- **عمال التصنيع:** يتم أتمتة العديد من المهام اليدوية، مما يتوقع أن يؤدي إلى انخفاض بنسبة 30% في الطلب على العمالة البشرية في هذا القطاع.
</p>
<p>
- **حراس الأمن:** تتزايد فاعلية أنظمة الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأمن، مما يقلل الحاجة لتوظيف حراس أمن.
</p>
<p>
رغم أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى استبدال العديد من الوظائف المذكورة، إلا أن هناك بعض المهن التي لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محلها، مثل:
</p>
<p>
- **المعلمون:** تظل الحاجة للمؤثرات البشرية قوية في التعليم، حيث أن التجربة التعليمية لايمكن أن تكون رقمية بالكامل.
</p>
<p>
- **القضاة والمحامون:** يتطلب العمل في المجال القانوني مهارات معينة من التحليل والتفاوض لا يمكن تكرارها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
</p>
<p>
- **المديرون والرؤساء التنفيذيون:** يتطلب دور القيادة التجربة الإنسانية والسلوكيات التي لا يمكن معالجتها.
</p>
<p>
- **علماء النفس:** التكنولوجيا لا تستطيع أن تحل محل الجانب الإنساني في العلاج النفسي.
</p>
<p>
- **الجراحون:** رغم توافر تقنيات ذكية، فإن لمسة الإنسان والتواصل المباشر تبقى ضرورية في العمليات الجراحية.
</p>
<p>
يشدد التحليل على أن التطورات السريعة تتطلب ابتكار مجالات جديدة من العمل. وفقًا لتوقعات مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، فإن مليار وظيفة من وظائف اليوم قد تختفي خلال مائة عام، مع تسارع تطوير مجالات تطبيقات الهواتف الذكية.
</p>
<p>
كما أنه من المتوقع أن يتحول قطاع السيارات نحو الكهربائيات، ويستعد للابتكارات مثل "التاكسي بلا سائق" من شركة إيرباص بحلول عام 2030.
</p>
<p>
في ختام التحليل، يُبرز الحاجة الملحة لتبني استراتيجيات مرنة من قبل الأفراد والشركات لمواكبة التغيرات، وضمان استمرارية النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل الجديدة، مما يتطلب التعاون بين جميع الأطراف في بناء مستقبل مهني يتلاءم مع التقدم التكنولوجي ويحقق رفاهية المجتمع.
</p>