من هو العالم الجزائري “كريم زغيب” الذي يحمل مفاتيح “ثورة الليثيوم” ولماذا ظهر في هذا التوقيت؟

في لحظة رمزية تحمل دلالات علمية واقتصادية عميقة، استقبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يوم الثلاثاء، العالم والباحث الجزائري المقيم بكندا كريم زغيب، في لقاء وصفه المتابعون بأنه بداية حقيقية لوضع الجزائر على خارطة الصناعة العالمية في مجال الطاقة النظيفة.

من هو كريم زغيب؟

البروفيسور كريم زغيب ليس مجرد اسم لامع في مجال العلوم، بل هو واحد من أبرز الباحثين على المستوى الدولي في مجال بطاريات الليثيوم. وُلد في الجزائر، وهاجر لاحقًا إلى كندا لمواصلة دراسته العليا، حيث حصل على الدكتوراه في الكيمياء الكهروكيميائية، وكرّس مسيرته لتطوير حلول مبتكرة في تخزين الطاقة.
حاليًا، يشغل زغيب منصب مدير مركز أبحاث النقل الكهربائي التابع لشركة Hydro-Québec، وقد سُجل باسمه العشرات من براءات الاختراع المتعلقة بتكنولوجيا البطاريات، ويُعتبر مرجعًا عالميًا في هذا المجال.

الجزائر تدخل سباق الليثيوم

خلال حديثه عقب اللقاء عبّر زغيب عن تفاؤله بقدرة دولة الجزائر على دخول مجال تصنيع بطاريات الليثيوم بقوة، اعتمادًا على ما تمتلكه من ثروات منجمية هائلة في الجنوب، تشمل الليثيوم، الفوسفات، والحديد.

وأشار إلى أن العمل جارٍ على مستوى وزارات الطاقة والمناجم، بالتعاون مع شركات وطنية مثل “سوناريم”، لبدء المرحلة الأولى من المشروع، والتي تتعلق بإنتاج حمض الفوسفوريك، كمكون أساسي يدخل في تصنيع البطاريات، تليها مراحل أكثر تقدمًا تهدف إلى إنشاء مصانع لإنتاج البطاريات محليًا.

مشروع ضخم بفرص تشغيلية هائلة

واحدة من أبرز النقاط التي كشف عنها زغيب هو الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذا المشروع، إذ يُتوقع أن يوفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة، وقرابة 100 ألف فرصة أخرى غير مباشرة في الصناعات والخدمات المرتبطة به، مما يجعله أحد أكبر المشاريع الصناعية المستقبلية في البلاد.

وأوضح أن هذه الصناعة لا تعتمد فقط على المواد الخام، بل تحتاج إلى عقول وكفاءات بشرية مؤهلة، مشيرًا إلى أن الجزائر تملك رصيدًا بشريًا كبيرًا من المهندسين والعلماء الشباب القادرين على قيادة هذا التحول إذا أتيحت لهم الفرصة.

دعم سياسي لمشروع علمي

اللافت في هذا اللقاء أن المشروع لم يأتِ من جهة علمية فقط، بل نال دعمًا رئاسيًا مباشرًا، حيث أبدى الرئيس تبون اهتمامًا كبيرًا بتفاصيل خطة التصنيع، وأكد على ضرورة تسريع وتيرة العمل لتجسيد المشروع في الميدان، كجزء من سياسة الجزائر لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على المحروقات.

هذا الدعم يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في توجهات الدولة نحو اقتصاد المعرفة، واحتضان الكفاءات الوطنية سواء في الداخل أو الخارج.

خطوة نحو مستقبل السيارات الكهربائية

بطاريات الليثيوم هي العمود الفقري للسيارات الكهربائية، والطائرات بدون طيار، وأنظمة تخزين الطاقة، وغيرها من الصناعات المستقبلية، ولذلك، فإن دخول الجزائر في هذا المجال لا يعني فقط تصنيع منتج صناعي، بل الدخول إلى قلب اقتصاد الغد.

زغيب شدد على أن الجزائر، إذا استثمرت بذكاء في هذا القطاع، قد تتحول إلى منصة إقليمية لتصدير بطاريات الليثيوم، بل وحتى لتجميع السيارات الكهربائية، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على هذا النوع من التكنولوجيا.

لقاء كريم زغيب بالرئيس تبون

لقاء كريم زغيب بالرئيس تبون ليس مجرد حدث عابر، بل هو إشارة إلى أن الجزائر بدأت تدرك أن الثروات الحقيقية لا تقتصر على البترول والغاز، بل تشمل العقول والكفاءات، ومع عودة الكفاءات العلمية الجزائرية من الخارج، وبداية المشاريع الاستراتيجية الكبرى، يبدو أن الجزائر تستعد لكتابة فصل جديد في مسيرتها الاقتصادية، عنوانه: التحول نحو الاقتصاد الأخضر والتصنيع الذكي.