شهدت أزقة خان الخليلي التاريخية حدثاً مميزاً، حيث قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، برفقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بجولة تحمل دلالات سياسية وثقافية عميقة، تبرز التراث الحضاري المصري. كانت هذه الزيارة، التي تضمنت زيارة رسمية لماكرون لمصر استمرت يومين، أكثر من مجرد لقاء بروتوكولي، إذ تحولت إلى حملة ترويجية قوية للسياحة المصرية، مع توقعات بانتعاش ملحوظ في القطاع السياحي.
وصل ماكرون إلى القاهرة يوم الأحد، 6 أبريل، حيث استقبلته العاصمة بترحيب كبير. وفي لفتة رمزية، رافقت طائرات الرافال المصرية طائرته عند هبوطها، مما أشاد به ماكرون عبر منصة “إكس”، واصفًا إياه بأنه “رمز قوي للتعاون الاستراتيجي بين فرنسا ومصر”.
في اليوم التالي، قام الرئيس السيسي بأخذ ضيفه الفرنسي في جولة فريدة شملت خان الخليلي وحي الحسين، وهما من أزقّة القاهرة القديمة والمشهورة. وتفاعل الرئيسان مع البائعين والحرفيين المحليين، وقاما بالتقاط صور تذكارية وسط هتافات الجماهير المتحمسة. كما زارا المتحف المصري الكبير، الذي من المقرر افتتاحه رسميًا في يوليو المقبل، وانتهت جولتهما بعشاء في مطعم نجيب محفوظ، الذي يحمل رمزية ثقافية كبيرة بفضل ارتباطه بالأديب المصري الحائز على جائزة نوبل.
حظيت الزيارة بتغطية إعلامية عالمية واسعة، مما يُتوقع أن يترجم إلى زيادة ملحوظة في أعداد السياح القادمين إلى مصر، خاصة من فرنسا وأوروبا. ويؤكد خبراء السياحة أن زيارة رئيس دولة كبرى مثل فرنسا لمكان شعبي مثل خان الخليلي يُرسل رسالة واضحة بأن مصر وجهة آمنة ومناسبة للسياحة، مما يعزز صورتها كمقصد ثقافي وتاريخي غني.
تُعزز هذه الزيارة أيضًا من فرص تطوير البنية التحتية والخدمات في المناطق السياحية، لتكون جاهزة لاستقبال أعداد أكبر من الزوار. كما قد تلهم السلطات والشركات المعنية لتطوير “حزم سياحية” جديدة تجمع بين الجولات التاريخية والتجارب الثقافية التفاعلية، مثل تعليم الزوار فنون صناعة الفخار أو النسيج اليدوي، مما يوفر تجربة ثقافية أعمق للزوار.
وعلى الجانب الاقتصادي، تعتبر الزيارة بمثابة رسالة مطمئنة للمستثمرين الدوليين بشأن التزام الحكومة المصرية بتنمية القطاع السياحي، مما يُحفز الشركات الفرنسية الكبرى في مجال السياحة والفندقة لاستكشاف فرص التوسع في السوق المصري، خاصة مع توجه الدولة نحو تطوير أنماط سياحية جديدة كتلك المرتبطة بالسياحة البيئية وسياحة المغامرة.
تُعتبر فرنسا سوقًا مهمًا للسياحة في مصر، بفضل الروابط الثقافية العميقة بين البلدين، مما يجعل هذه الزيارة فرصة لتقوية التعاون السياحي.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يزور فيها زعيم دولة معالم سياحية في مصر، حيث تركت زيارات سابقة أثرًا إيجابيًا على السياحة، مثل زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للجامع الأزهر في يونيو 2009، وزيارة الأمير تشارلز لوادي سيوة في 2006، وزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأهرامات الجيزة في 2005.
تأتي هذه الزيارة ضمن جهود الدولة المصرية لتعزيز قطاع السياحة كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني. ولا تقتصر الفوائد على الجانب السياسي، بل تمتد لتؤثر بشكل مباشر على النشاط السياحي وتساهم في تعزيز الصورة الذهنية لمصر دولياً، وتشجيع الاستثمارات السياحية. كما قد تُعيد الزيارة تسليط الضوء على الأماكن التراثية في مصر، مما قد يُزيد من إقبال المواطنين المحليين على هذه المواقع خلال المناسبات والعطلات.
تُعتبر هذه الزيارة فرصة رائعة لتعزيز جهود الترويج الدولي لمصر، خاصة إذا تم استغلالها بصورة احترافية عبر حملات إعلانية ومنصات رقمية. وقد بدأت وزارة السياحة أيضًا في تنفيذ حملات ترويجية مكثفة، ومن المتوقع أن تعزز زيارة ماكرون هذه الجهود، مما يُسهم في تسويق مصر كوجهة سياحية بطريقة فعالة.
زيارة الرئيس ماكرون والرئيس السيسي إلى خان الخليلي لم تكن حدثاً عابراً، بل كانت دفعة قوية للسياحة المصرية، وأكدت مكانة مصر كوجهة عالمية. ومع استمرار مثل هذه الزيارات، وتكثيف الجهود لتطوير البنية التحتية والخدمات السياحية، تظهر بوادر طفرة جديدة للسياحة المصرية، مما يعيد لها مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات السياحية عالميًا.
أ. د. هـ