شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا تطوراً ملحوظاً منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مهام رئاسة الجمهورية عام 2014. وتجلى هذا التطور عبر الزيارات المتبادلة وتوسيع نطاق الشراكات بين البلدين في مجالات متعددة لدعم جهود التنمية.
وقد عرضت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في تقريرها اليوم أبرز تطورات العلاقات الاقتصادية المصرية الفرنسية تزامناً مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر، حيث تجمع البلدين شراكة وثيقة في إطار جهودهما المشتركة لدفع عجلة التنمية.
وتنسجم هذه الشراكة مع الإعلان المشترك الذي تم توقيعه بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في مارس 2024، والذي يرفع مستوى العلاقات المصرية الأوروبية إلى شراكة استراتيجية، مما يفتح آفاقاً واسعة لتعزيز العلاقات بين مصر ودول القارة الأوروبية، خاصة في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتعاون الإنمائي.
العلاقات المصرية الفرنسية
على الرغم من تاريخ العلاقات الاقتصادية المصرية الفرنسية الذي يمتد لعقود، إلا أنه شهد زيادة كبيرة منذ عام 2014. فقد ساعدت الزيارات المتكررة بين قيادتي البلدين وتوسيع نطاق الشراكة المصرية الأوروبية في دفع العلاقات المصرية الفرنسية إلى آفاق جديدة. حيث قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدة زيارات للعاصمة باريس في أعوام 2014 و2017 و2020، بينما قام الرئيس الفرنسي بزيارة مصر في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة عام 2015 وأخرى في عام 2019.
تعكس زيارة الرئيس الفرنسي الحالية لمصر اهتمام البلدين بتعزيز علاقاتهما المشتركة، والتزامهما بالاستمرار في تعميق التعاون في مجالات تنموية متنوعة، استنادًا إلى الإنجازات المحققة في الفترة السابقة.
*التمويلات التنموية للحكومة والقطاع الخاص*
فيما يتعلق بعلاقات التعاون الإنمائي، تم توقيع اتفاق إطاري لتنظيم أنشطة الوكالة الفرنسية في مصر أثناء زيارة الرئيس الفرنسي عام 2006، ومن ثم تم افتتاح مكتب للوكالة الفرنسية في مصر عام 2007.
وقدمت الحكومة الفرنسية تمويلات بقيمة نحو 4 مليارات يورو للقطاعين الحكومي والخاص في مصر، منها 3.5 مليار يورو للقطاع العام و500 مليون دولار للخاص. بالإضافة إلى منح تنموية بلغت 12.6 مليون يورو، وقامت الوكالة الفرنسية للتنمية بإدارة منح من الاتحاد الأوروبي بقيمة 150 مليون يورو. وقد ساهمت هذه التمويلات في تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية في مجالات النقل، والإسكان، والتعليم، والصحة، والطاقة المتجددة، والحماية الاجتماعية.
وتبلغ محفظة التعاون الإنمائي الحالية بين مصر وفرنسا حوالي 1.5 مليار يورو تشمل مجالات النقل والإسكان والتعليم والبيئة، وغيرها من القطاعات المهمة.
وقد زارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الدكتورة رانيا المشاط، فرنسا في عام 2020، حيث وقعت اتفاقيات تمويلية لتعزيز التحول الأخضر والاستثمار في رأس المال البشري مع الوكالة الفرنسية للتنمية.
المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفّي»
تساهم الوكالة الفرنسية للتنمية في دعم جهود التحول الأخضر في مصر عبر تمويل مشروعات الطاقة والنقل في إطار برنامج “نُوَفّي”، ومن أبرز هذه المشاريع مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية ومشروع مترو أبو قير.
يعتبر مشروع مترو الأنفاق في القاهرة الكبرى من أبرز علامات التعاون بين مصر وفرنسا، حيث يسهم في نقل ملايين الركاب يومياً ويساعد في تخفيف الازدحام المروري. وتعمل الحكومة على توسيع خطوط المترو بالشراكة مع الجانب الفرنسي.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم التعاون الفرنسي في تمويل تطوير الخط الأول لمترو القاهرة الكبرى والخط الحديدي طنطا – المنصورة – دمياط.
الطاقة المتجددة
تشمل محفظة الشراكة المصرية الفرنسية عددًا من المشروعات المتنوعة، بما في ذلك برنامج دعم موازنة قطاع الطاقة وإجراءات تحسين قطاع الهيدروجين الأخضر، في ضوء جهود الدولة لتعزيز صناعة الهيدروجين الأخضر في مصر.
التأمين الصحي الشامل والحماية الاجتماعية وتمكين المرأة
قام الجانب الفرنسي بتمويل مشاريع في مجال الحماية الاجتماعية وتمكين المرأة، بما في ذلك برنامج دعم موازنة قطاع الحماية وبرنامج التأمين الصحي الشامل الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع عدة شركاء تنمويين.
وضمن مؤتمر المناخ COP27، أطلقت مصر برنامج لتسريع المساواة بين الجنسين في العمل المناخي، بالشراكة مع البنك الأوروبي وإعادة الإعمار والتنمية والوكالة الفرنسية للتنمية بنك التنمية الأفريقي، لتعزيز قدرة شركات القطاع الخاص على تحقيق المساواة بين الجنسين في إدارة النشاطات المتعلقة بالمناخ.
التعليم والتعليم الفني والتعليم العالي
في مجال التعليم، قام الجانب الفرنسي بتمويل مشروع إعادة تأسي س الجامعة الفرنسية في مصر ومشاريع لدعم تدريس اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية المصرية.
الاستراتيجية القطرية مع الوكالة الفرنسية للتنمية
في عام 2022، أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والوكالة الفرنسية للتنمية الاستراتيجية القطرية الجديدة حتى عام 2025 تحت شعار “نحو ازدهار مشترك”، التي تهدف إلى تحقيق ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز التكامل المالي والتجاري والإنتاجي على المستوى الإقليمي، دعم تطوير البنية التحتية الاجتماعية، وتعزيز التنمية المحلية المستدامة والعادلة.
كما تتضمن هذه الاستراتيجية ركائز فرعية تهدف إلى تعزيز الرخاء المشترك، وتحقيق التوازن بين أهداف التنمية وأهداف المناخ، وخلق فرص العمل والابتكار.
العلاقات التجارية والاستثمارية
تعتبر فرنسا من أبرز الشركاء التجاريين الأوروبيين لمصر، حيث أظهرت البيانات زيادة في حجم الصادرات المصرية إلى فرنسا إلى 1.1 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ 855.4 مليون دولار في عام 2023، بنسبة زيادة بلغت 22.4%. بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من فرنسا نحو 1.8 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ 1.7 مليار دولار في عام 2023، مما يعكس نمواً بنسبة 10.8%.
كما سجل حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 2.9 مليار دولار في العام الماضي، بزيادة 14.7% عن العام السابق. ولدى العديد من الشركات الفرنسية استثمارات كبيرة في مصر، خاصة في قطاعات الطاقة والنقل وتجارة التجزئة.
تعليقات