ارتفاع أسعار الذهب عالمياً اليوم في ظل استمرار قوة السندات الخضراء توجه عالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون يساهم في استقرار الأسواق

مع تصاعد الحرب في أوكرانيا وعودة التوترات الجيوسياسية، يبقى صوت المدافع يعلو من جديد، ولكن الأسواق المالية لا تزال ملتزمة بمسارها الحالي، والسبب يعود إلى تحول السندات الخضراء من مجرد موضة مؤقتة إلى مسار عالمي دائم، وفقاً لتقرير صادر عن بنك بي أن بي باريبا.

منذ توقيع اتفاق باريس عام 2015، شهدت سوق السندات الخضراء نمواً مذهلاً لتصل قيمتها إلى نحو 2.9 تريليون دولار بحلول عام 2025، وهو ما يعادل حوالي 2.5 في المئة فقط من إجمالي السندات العالمية.

على الرغم من هذه النسبة الضئيلة، فإن السوق تضاعفت بأكثر من خمس مرات خلال خمس سنوات فقط، حيث كانت منطقة اليورو في المقدمة تليها الولايات المتحدة والصين.

وفي سياق هذا التطور الإيجابي، يطرح السؤال: هل لا يزال الزخم مستمراً؟ وفقاً لمحللين في بنك بي أن بي باريبا ودراسات صادرة عن بنك التسويات الدولية، هناك ثلاثة أسباب تدعو للتفاؤل

1. التحول المستدام أصبح أساسياً.

لم تعد الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) ترفاً تنظيمياً بل أصبحت جزءاً أساسياً من الروتين المالي اليومي لكبرى الشركات العالمية. حيث أصبح المستثمرون يميلون إلى المنتجات المتوافقة مع معايير الاتحاد الأوروبي للسندات الخضراء التي توفر مزيداً من الشفافية والتنظيم القوي مما يعزز ثقتهم في السوق. وقد أظهرت دراسة لبنك التسويات وجود علاقة قوية إحصائياً بين التنظيمات مثل التصنيفات الخضراء ونمو الاستثمارات المستدامة.

2. أداة فعّالة في تقليص الانبعاثات.

على الرغم من التحذيرات المتعلقة بالغسل الأخضر، تشير البيانات الواقعية إلى تأثير ملموس؛ فقد سجلت الشركات التي اعتمدت على السندات الخضراء انخفاضاً متوسطه 21 في المئة في انبعاثاتها من غازات الدفيئة خلال عام واحد، خصوصاً في القطاعات ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة وذلك بحسب تحليل شمل 736 شركة على مدى عشر سنوات.

3. الحكومات تحقق مكاسب مالية.

تقوم وكالات التصنيف الائتماني حالياً باحتساب التقدم المحرز في تقليل الانبعاثات ضمن تقييماتها للجدارة الائتمانية للدول. بمعنى آخر، الدول التي تلتزم بتحول منظّم نحو الاقتصاد الأخضر تحصل على تقييمات أفضل وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الضغوط المتزايدة على الموازنات العامة.

جدير بالذكر أن هذه الظاهرة لا تعكس فقط التزام الأسواق بالتحول نحو اقتصاد أكثر استدامة بل تعكس أيضاً استجابة فعالة للمخاطر البيئية والاقتصادية التي تواجه العالم اليوم. وباختصار، حتى مع استمرار التحديات الجيوسياسية والاقتصادية الحالية تواصل السندات الخضراء إثبات نفسها كأداة مالية ذات فوائد بيئية واقتصادية مزدوجة ومن المتوقع أن تعزز دورها بشكل أكبر مع زيادة الضغوط العالمية للانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون.