أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا في الأسواق العالمية اليوم وسط تباين “سبريد” إيطاليا وألمانيا هوس مالي فقد معناه في أسواق المال

ظهر مصطلح “السبريد” في اللغة الإيطالية خلال أزمة ديون عام 2011، حينما شهدت عوائد السندات الإيطالية ارتفاعاً ملحوظاً ينذر بفقدان الوصول إلى الأسواق المالية. كان الفارق بين عوائد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات ونظيراتها الألمانية يُعتبر مؤشراً يومياً على متانة الاقتصاد الإيطالي، مما جعل منه مصدر فخر أو قلق وطني، تماماً كما هو الحال مع نتائج مباريات كرة القدم.
ومع تراجع هذا الفارق مؤخراً إلى أقل من 100 نقطة أساس، أعلنت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني أمام البرلمان أن “هذا يعني أن سندات إيطاليا تُعدّ أكثر أماناً من الألمانية”، وهو تصريح أثار ابتسامة خفيفة من وزير ماليتها، الذي يدرك تماماً أن الواقع أقل وردية.
الفارق الضئيل لا يعكس تحسناً بنيوياً
في عام 2011، كان هذا الفارق يحمل دلالات كبيرة؛ حيث كانت ألمانيا رمز الانضباط المالي الأوروبي في ذلك الوقت، بينما كانت روما تواجه تكاليف تمويل مرتفعة قد تعيق قدرتها على خدمة ديونها التي تبلغ الآن 3 تريليونات يورو، أي نحو 135 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثاني أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان بحسب تقرير لوكالة رويترز.
اليوم، تُنفق إيطاليا ما يقارب 90 مليار يورو سنوياً على فوائد الدين، ما يمثل حوالي 4 في المئة من ناتجها المحلي. وعلى الرغم من تقلص السبريد، فإن عوائد السندات الإيطالية لا تزال تتجاوز 3.5 في المئة، وهي مستويات مرتفعة مقارنة بإسبانيا (3.2 في المئة) واليونان (3.4 في المئة).
ألمانيا لم تعد المعيار الذهبي للاستقرار
يشير خبراء الاقتصاد إلى أن انخفاض الفارق ليس نتيجة أداء إيطاليا الجيد فقط بل يعكس أيضاً التحديات المتزايدة التي تواجه الاقتصاد الألماني. فقد أدت خطط الإنفاق الضخمة على الدفاع والبنية التحتية إلى ارتفاع عوائد السندات الألمانية، مما قلّص الفارق دون حدوث تحسن فعلي في جودة الديون الإيطالية.
وبحسب الخبير الاقتصادي تيتو بويري، فإن “ما يهمنا فعلياً هو مستوى أسعار الفائدة نفسها وليس الفارق مع ألمانيا”، محذراً من أن ارتفاع العوائد الألمانية لا يخدم المالية العامة الإيطالية.
التقلبات تعكس المعنويات العالمية لا السياسة المحلية
يشير محللون إلى أن تحركات السبريد تتأثر غالباً بالمخاطر الدولية أكثر من العوامل المحلية الخاصة بإيطاليا. ففي أبريل الماضي اتسع الفارق فجأة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق ليعود وينخفض بعد تعليق تنفيذ تلك الرسوم.
وحسب روبرتو بيروتي، أستاذ الاقتصاد في جامعة بوكوني بميلانو، فإن “السبريد يتسع عندما نشهد نزوحاً نحو الأصول الآمنة وإيطاليا ببساطة لا تُصنف كأصل آمن”.
من «رمزية بيرلسكوني» إلى تضخم ما بعد كورونا
في عام 2009 وخلال حكومة سيلفيو بيرلسكوني استقر السبريد بين 80 و100 نقطة أساس قبل أن يقفز إلى أكثر من 570 نقطة أساس في عام 2011 رغم سياسة مالية مستقرة نسبياً آنذاك. وفي عام 2021 شهد المؤشر نفسه تراجعاً تحت حكم ماريو دراغي الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي لكنه سرعان ما ارتفع مجدداً إلى 250 نقطة مع انفجار التضخم العالمي بعد جائحة كوفيد-19.
اليوم ورغم رغبة ميلوني في استخدام تقلص الفارق كدليل على الثقة الدولية يرى الخبراء أن القيمة الرمزية للمؤشر لم تعد تعني الكثير خصوصا مع تغير ملامح الانضباط المالي الأوروبي. كما أضاف بيروتي: “حالياً السبريد لم يعد مقياساً ذا معنى حقيقي”.
جدير بالذكر أنه يجب متابعة تطورات السوق بعناية لفهم التداعيات المحتملة على الاقتصاد الإيطالي والأوروبي بشكل عام حيث يمكن لتغير السياسات الاقتصادية والسياسية أن تؤثر بشكل كبير على حالة الأسواق المالية ومستوى الثقة فيها.
قد يهمك أيضاً :-
- أسعار الذهب ترتفع في الأسواق العالمية اليوم مع تماسك الأسهم الأوروبية تحت ضغوط قطاعية وترقب لقرارات واشنطن
- ارتفاع أسعار الذهب عالميًا اليوم وتراجع مبيعات "تارجت" يثير القلق حول النمو التجاري
- أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق العالمية اليوم الأمن الرقمي يتعرض لتهديدات جديدة مع هجمات إلكترونية تستهدف شركات كبرى
- ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم واحتفال مبادلة بايو وبروج باتفاقية استراتيجية لدعم تصنيع المنتجات الطبية في الإمارات
- ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم وأثر استثمار ألف دولار في البيتكوين قبل 13 عاماً الاستثمار الذي تجاوز قيمته 20 مليون دولار حالياً
تعليقات