أسعار الذهب ترتفع في الأسواق العالمية وسط توترات متزايدة في الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين

بعد أيام قليلة من إعلان الولايات المتحدة والصين عن التوصل إلى اتفاق مؤقت بشأن الرسوم الجمركية، عادت التوترات للظهور مجدداً، هذه المرة حول مستقبل أشباه الموصلات الصينية. الأسبوع الماضي، حذّرت واشنطن الشركات من استخدام رقائق الذكاء الاصطناعي التي تنتجها شركة هواوي، ما دفع بكين إلى اتهام إدارة ترامب بتقويض التوافق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات التجارة الأخيرة في جنيف، حيث اتفق الجانبان على إلغاء الرسوم الجمركية مؤقتاً ومنح الجميع مهلة 90 يوماً للتوصل إلى اتفاق أوسع.

يمثل النزاع حول رقائق هواوي اختباراً للهدنة، فرغم الكلمات الإيجابية التي تبادلها المفاوضون الأميركيون والصينيون الأسبوع الماضي، لا تزال هناك خلافات حادة بين الجانبين حول مجموعة متنوعة من الموضوعات التي قد يصعب تجاوزها. اليوم الأربعاء، اتهمت وزارة التجارة الصينية الولايات المتحدة بـ«إساءة استخدام ضوابط التصدير لقمع الصين واحتوائها» والانخراط فيما وصفته بـ«نموذج للتجبر والحمائية».

قامت إدارة ترامب الأسبوع الماضي بإصدار توجيهات تحذر الشركات من أن «استخدام رقائق هواوي في أي مكان في العالم ينتهك ضوابط التصدير الأميركية»، ثم غيّرت الوزارة صياغتها لإزالة عبارة «في أي مكان في العالم» من النسخة المُحدثة من البيان. تُعد رقائق «هواوي- أسيند» أقوى معالجات الذكاء الاصطناعي التي تُنتجها هواوي وتُستخدم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وتهدف لتحدي هيمنة إنفيديا الأميركية على تصميم الرقائق المتطورة. كما تُعتبر جهود هواوي جزءاً أساسياً في خطط الزعيم الصيني شي جين بينغ لبناء قدرة الصين على تطوير رقائق متطورة.

غضب بكين

يوم الاثنين، أشارت بكين إلى أن تغيير وزارة التجارة الأميركية في صياغة بيانها المُحدث بشأن هواوي لم يكن كافياً لإنهاء الخلاف. وفي بيان لها، أكدت وزارة التجارة الصينية أنه رغم «التعديل» في الصياغة، فإن «الإجراءات التمييزية المُشوهة للسوق» ظلت دون تغيير. وفي بيان آخر اليوم الأربعاء، هددت بكين باتخاذ إجراءات قانونية ضد أي شخص يُساعد فيما وصفته بمحاولة أميركية «لحظر استخدام الرقائق الصينية المتقدمة عالمياً».

واقع مغاير

الأمر لا يقتصر على الرقائق فقط. فقد منحت الإدارة الأميركية بعض الإعفاءات على وارداتها من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونية في 13 أبريل الماضي لكنها احتفظت برسوم جمركية مرتفعة على منتجات أخرى مثل الصلب والألومنيوم. لذا فمتوسط المعدل الفعلي للتعريفة الجمركية على الواردات الصينية يبلغ نحو 32 في المئة، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ نحو 13 في المئة.

جدير بالذكر أن قرار إعفاء الإلكترونيات أعقبه القرارات الأمنية التي استهدفت أشباه الموصلات الصينية. وعلى أرض الواقع تعتزم شركة أبل نقل مصانع إنتاج معظم هواتف آيفون المتجهة إلى الولايات المتحدة إلى الهند بدلاً من الصين وفقاً لما أوردته رويترز الشهر الماضي. وفي الأسبوع الماضي، صرح آلان وونغ، الرئيس التنفيذي لشركة «في تك» في هونغ كونغ وهي إحدى أكبر شركات تصنيع الألعاب ومورد رئيسي لأسواق وول مارت الأميركية بأنه يعتزم نقل جميع عمليات إنتاج الألعاب الموجهة للسوق الأميركية إلى خارج الصين بحلول نهاية العام المقبل.

وأفادت صحيفة نيكاي اليابانية بأن شركات تصنيع أخرى عانت سابقاً من حالة عدم اليقين المطول خلال حرب ترامب التجارية بين عامي 2018 و2020 تخطط لخطوات مماثلة.

سلاح الصين

تفرض بكين نظام رقابة صارماً على تصدير المعادن النادرة المستخدمة في كل شيء إلكتروني بدءاً من الهواتف المحمولة وصولاً إلى الطائرات الحربية. ويبدو أن السلطات الصينية عززت هذه الرقابة بعد اجتماعات جنيف.

لا يحظر النظام الذي طُبق في أبريل الصادرات بشكل قاطع ولكنه يتطلب موافقة حكومية على كل عملية شحن مما يتسبب في تأخيرات استمرت لأسابيع أثارت مخاوف مجموعة واسعة من الصناعات الأميركية. قالت غريسلين باسكاران مديرة برنامج أمن المعادن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن نظام تراخيص التصدير الصيني «سيبقى» وقد يستمر لفترة طويلة مما يسمح لبكين بالاحتفاظ بنفوذها خلال محادثات التجارة المستقبلية مع الولايات المتحدة.

وأضافت أنه إذا تراجعت الولايات المتحدة عن اتفاقاتها المتعلقة بإلغاء التعريفات الجمركية فإنه يمكن للصين بسهولة حجب التراخيص المطلوبة مما يمنح بكين سلطة تحديد الشركات أو الدول القادرة على الوصول إلى معادنها الأرضية النادرة ومغانطها في أي وقت. وشنت السلطات الصينية حملة صارمة على تهريب المعادن الأساسية وهي فئة أوسع تشمل العناصر الأرضية النادرة وعناصر أخرى يوم 12 مايو الحالي وهو اليوم نفسه الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة والصين عن تخفيض الرسوم الجمركية.

وقال مصدر بإحدى شركات المعادن النادرة الصينية لشبكة CNN «لم نتلقَّ أي مؤشرات على تخفيف إجراءات نظام (مراقبة الصادرات)». هذا التصريح يعكس استمرار القلق بشأن تداعيات الحرب التجارية المستمرة وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي.