أسعار الذهب تتصاعد في الأسواق العالمية اليوم وسط تحديات كبيرة تواجه جي بي مورغان استمرار ديمون وخطط الذكاء الاصطناعي في خضم التحولات العالمية

في وقت كان ينتظره وول ستريت والعالم المالي منذ سنوات، أكد الرئيس التنفيذي لبنك “تشيس”، جيمي ديمون، أن خطط خلافته في قيادة أكبر بنك أميركي لا تزال قائمة دون أي تعديل، لكنه لم يحدد موعداً واضحاً للتنحي رغم بلوغه تسعة وستين عاماً وتولّيه المنصب منذ أكثر من 19 عاماً، وفقاً لتقرير رويترز. ورغم الإشارات السابقة العام الماضي إلى أن الفترة المتبقية له لم تعد «خمس سنوات»، اكتفى ديمون هذه المرة بالتأكيد على الاستمرارية في الخطة، مما يفتح المجال أمام منافسة رباعية على المنصب تشمل تروي روبو، دوغ بيتنو، ماري إيردوس وماريان ليك، وكلهم من الشخصيات القيادية البارزة داخل البنك.

مالياً، توقع المدير المالي للبنك، جيريمي بارنوم، أن يرتفع صافي دخل الفوائد هذا العام بمقدار مليار دولار إضافي متجاوزاً التوقعات السابقة ليصل ربما إلى 94.5 مليار دولار. ويُعتبر هذا المؤشر أساسياً لقياس أداء البنوك كونه الفارق بين ما تجنيه من الفوائد على القروض وما تدفعه على الودائع. لكن بارنوم حذّر من أن هذه المستويات العالية قد لا تستمر في ظل الضبابية التي تحيط بمستقبل السياسة الاقتصادية في أميركا نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية وعودة الخطاب الحمائي مع فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تعريفات جمركية جديدة.

وفي عرضه السنوي للمستثمرين قال بارنوم إن «مزيج التضخم والعجز المالي الكبير قد يُقيد صانعي السياسات ويزيد من المخاطر الاقتصادية». وفي نفس السياق، انعكست الشكوك الاقتصادية بشكل مباشر على أنشطة الدمج والاستحواذ حيث كشف البنك عن توقعه انخفاض رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية في الربع الثاني بنسبة «في منتصف خانة العشرات» مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وبالمقابل يُتوقع نمو إيرادات التداول بنسبة «في منتصف إلى أعلى خانة الآحاد» وفقاً لتروي روبو الذي يشغل منصب الرئيس المشارك لوحدة الخدمات التجارية والاستثمارية. ورغم أن الأسواق تشهد حالياً تراجعاً في معدلات التقلّب فإن روبو أكد أن «الضبابية لا تزال حاضرة بقوة» مما يعكس حالة عدم اليقين السائدة.

الذكاء الاصطناعي.. فرص وكفاءات لكن على حساب الوظائف

مع ميزانية تقنية تبلغ 18 مليار دولار لعام 2025 يعتمد بنك “جي بي مورغان” على الذكاء الاصطناعي لدفع الكفاءة التشغيلية. وأشارت ماريان ليك الرئيسة التنفيذية لوحدة الخدمات المصرفية للأفراد والمجتمع إلى أن الفريق التشغيلي في هذه الوحدة يقود استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وهو ما قد يؤدي إلى خفض عدد الموظفين بنسبة 10% خلال السنوات الخمس المقبلة. الجدير بالذكر أن التحول نحو التكنولوجيا ليس مجرد رفاهية بل استراتيجية للبقاء والتوسع وسط تصاعد الضغوط على تكاليف التشغيل.

كما أبدى البنك انفتاحاً على فرص “النمو غير العضوي”، أي عبر الاستحواذات لكنه أكد أنه سيكون حذراً خاصة بعد شرائه أصول بنك “فيرست ريبابليك” المنهار العام الماضي. وفي قطاع الأفراد يسعى البنك لزيادة حصته من ودائع المستهلكين إلى 15% من السوق الأميركي مقارنة بـ11.3% حالياً كما يسعى لرفع مساهمته في إنفاق الأميركيين عبر بطاقاته الائتمانية إلى 20% مقابل 17.3% حالياً.

ورغم تفاؤل البنك بصلابة أوضاع المستهلكين والشركات حتى الآن أشار إلى أن معدل الشطب الصافي للديون المتعثرة على بطاقات الائتمان قد يرتفع إلى ما بين 3.6% و3.9% في عام 2026 مقابل 3.6% متوقعة لعام 2025.

تأتي تصريحات “جي بي مورغان” في توقيت بالغ الحساسية إذ تعود شبح الركود إلى السطح مع تصاعد الإجراءات الحمائية واحتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض بينما بات الترقب لخلافة ديمون عاملاً مؤثراً في ثقة المستثمرين بمستقبل البنك.

وفي ظل هذه التحديات تبدو رؤية البنك واضحة وهي التحوط المالي والاستثمار الذكي في التكنولوجيا وتوسيع الحصة السوقية للأفراد مع إدارة حذرة للعمليات المصرفية الاستثمارية. الرسالة واضحة من ديمون وفريقه المرونة والاستعداد لكل السيناريوهات فالبنك رغم العوائد القوية يدرك أن التحولات الجيوسياسية والاقتصادية قد تتطلب قرارات سريعة وجريئة ومع تحركه بثقة نحو الذكاء الاصطناعي وتوسيع قاعدة الأفراد فإنه يراهن على المستقبل ولكنه لا يغفل عن المخاطر ولا اللحظة التي سيُسلِّم فيها القيادة.