في خطوة من شأنها إعادة تشكيل سوق الاتصالات في الولايات المتحدة، أعلنت شركة تشارتر كوميونيكيشنز عن استحواذها على منافستها كوكس كوميونيكيشنز في صفقة ضخمة تصل قيمتها الإجمالية إلى 34.5 مليار دولار، مما يُوحد اثنتين من أكبر شركات تشغيل الكابلات والنطاق العريض في البلاد، وتأتي هذه الصفقة، التي تُعتبر من بين الأكبر عالمياً هذا العام، في وقت تواجه فيه شركات الكابلات تحديات غير مسبوقة نتيجة المنافسة المتزايدة من قبل شركات البث والاتصالات اللاسلكية، ما يدفعها نحو تحالفات استراتيجية تعزز قدرتها التنافسية وتوسع نطاق حضورها في السوق.

وافقت شركة تشارتر كوميونيكيشنز على شراء منافستها كوكس كوميونيكيشنز مقابل 21.9 مليار دولار، وذلك بهدف دمج خدماتهما في ظل تنافسهما مع عمالقة البث وشركات الاتصالات المحمولة على جذب العملاء.

تأتي هذه الصفقة بعد أكثر من عقد من الزمان منذ أن تخلت الشركتان عن محاولة اندماج سابقة، وفي الوقت نفسه زادت الضغوط على شركات الكابلات حيث تجذب شركات الاتصالات اللاسلكية عملاء النطاق العريض بخطط تنافسية بينما يتخلى الملايين عن التلفزيون المدفوع التقليدي لصالح خيارات البث الجديدة.

من المتوقع أن يساعد الاندماج مع كوكس – الذي يُعتبر أحد أكبر الصفقات عالمياً هذا العام – شركة تشارتر في سعيها لدمج خدمات النطاق العريض والهاتف المحمول، مما يعزز قدرتها على مواجهة المنافسة من شركات الاتصالات.

وفي نفس السياق، أكد المحللون أن استراتيجية تشارتر المتمثلة في دمج خدمات الإنترنت والتلفزيون والهاتف المحمول ضمن حزمة واحدة قابلة للتخصيص أثبتت جدارتها ولكن تحتاج إلى مزيد من التوسع، إذ تعتمد شركات الكابلات بشكل كبير على استئجار الوصول إلى الشبكة من شركات الاتصالات الرئيسية لتقديم باقات الهاتف المحمول.

قال كريس وينفري، الرئيس التنفيذي لشركة تشارتر والذي سيرأس الشركة المندمجة: «سيعزز هذا الاندماج قدرتنا على الابتكار وتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار تنافسية».

كما أشارت الشركتان إلى أنهما تتوقعان تحقيق وفورات في التكاليف بقيمة 500 مليون دولار خلال ثلاث سنوات بعد إغلاق الصفقة المتوقع منتصف عام 2026.

بموجب صفقة النقد والأسهم، ستتحمل شركة تشارتر حوالي 12.6 مليار دولار من صافي ديون شركة كوكس والتزامات أخرى، مما يرفع القيمة الإجمالية للصفقة إلى 34.5 مليار دولار.

ستحتفظ شركة كوكس إنتربرايزز – الشركة الأم لكوكس كوميونيكيشنز – بنحو 23 بالمئة من الكيان المندمج وسيشغل رئيسها التنفيذي أليكس تايلور منصب رئيس مجلس الإدارة. ومن المقرر أن تغير الشركة المندمجة علامتها التجارية إلى كوكس كوميونيكيشنز خلال عام واحد بعد إتمام الصفقة مع استمرار علامة تشارتر سبيكتروم التجارية الموجهة للمستهلكين.

سيكون هذا الاندماج اختباراً مهماً للوائح الاندماج والاستحواذ تحت إدارة الحكومة الحالية حيث سيؤسس أكبر مزود لخدمات التلفزيون الكبلي والإنترنت عريض النطاق في الولايات المتحدة بحوالي 38 مليون مشترك متجاوزاً بذلك شركة كومكاست الرائدة حالياً في السوق.

من المرجح أن تخضع هذه الصفقة لمراجعة دقيقة من قبل قسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل الأميركية وقد أوضحت مساعدة المدعي العام جايل سلاتر التي تقود القسم أنها ستُركز على عمليات الاندماج التي قد تقلل المنافسة بطرق تضر بالمستهلكين أو العمال.

أشار روس بينيس محلل إي ماركتر إلى أن الكيان المندمج سيكون أكبر مُشغل لخدمات التلفزيون المدفوع في الولايات المتحدة لكن الجانب الخاص بمُزوّد خدمة الإنترنت يعد أكثر أهمية بالنسبة للمستهلكين مما قد يجعله احتكاراً إقليمياً.

أكد وينفري أولويات التوظيف التي وضعها الرئيس ترامب «أميركا أولاً» مشيراً إلى أن الصفقة ستعيد وظائف خدمة العملاء لشركة كوكس من الخارج لكنها لم تحدد عدد تلك الوظائف حيث تتمركز فرق خدمة العملاء الخاصة بشركة تشارتر بالكامل داخل الولايات المتحدة.

قال باولو بيسكاتوري محلل بي بي فورسايت: «هذه هي الخطوة الكبيرة الأولى التي تقوم بها إحدى الشركات الكبرى تحت إدارة ترامب لذا فإن نتائج هذه الصفقة ستحدد مسار التحركات المحتملة الأخرى»

(رويترز).