أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق العالمية اليوم مع عودة تاريخية لوول ستريت بقيمة 8 تريليونات دولار

في بداية أبريل، شهدت وول ستريت حالة من الذعر شبيهة بنوبة غضب طفل صغير، حيث أدت المخاوف من أن الحرب التجارية التي شنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي إلى موجة بيع واسعة للأصول الأميركية، ويُعتبر تزامن بيع الأسهم والسندات في هذا السياق مشهداً نادراً يعكس انعدام الثقة في سياسات البيت الأبيض.
ومع ذلك، غيّر ترامب موقفه لاحقاً، حيث أعلن عن تعليق ما يُعرف بـ«الرسوم الجمركية المتبادلة» لمدة 90 يوماً، ثم خفّض الرسوم المفروضة على الصين، رغم أن العديد من السلع لا تزال تخضع لتعريفات أعلى مما كانت عليه قبل توليه الحكم.
هذا التراجع المفاجئ أدى إلى تحول دراماتيكي في أداء الأسواق، فقد سجلت الأسهم الأميركية انتعاشاً تاريخياً خلال الشهر الأخير، حيث محا مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» كل خسائر العام وأضاف نحو 8 تريليونات دولار إلى قيمته السوقية منذ أدنى مستوياته في 8 أبريل، وهو ما يعكس ارتياحاً واسعاً في أوساط المستثمرين وتراجع المخاوف من الركود.
يقول إد يارديني، رئيس شركة Yardeni Research للاستشارات الاستثمارية: «الأسواق تصرّفت كأنها طفل غاضب، وبالفعل حصلت على ما تريد: تراجع ترامب»، وأضاف في تصريح لـCNN: «ترامب أدرك أنه كان يتلاعب بمادة متفجرة وكان عليه أن يتراجع»
كانت موجة البيع في بداية عام 2025 سريعة وعنيفة بشكل لافت، إذ استغرق الأمر 22 يوماً فقط حتى يدخل مؤشر S&P 500 في منطقة التصحيح (انخفاض بنسبة 10% عن أعلى مستوياته في نوفمبر)، وهو وقت قياسي مقارنة بالمعدلات المعتادة وفق أبحاث CFRA.
ويقول كيفن غوردون، كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في شركة تشارلز شواب: «كانت لحظة سقوط حر فقد وصل شعور المستثمرين إلى مستويات الذعر»
أما التعافي فكان بالسرعة نفسها ويُعتبر الأسرع منذ عام 1982، ووفقاً لبنك Bespoke استغرق الأمر 25 جلسة تداول فقط للعودة إلى المنطقة الإيجابية بعد انخفاض بنسبة 15% منذ بداية العام.
يقول سام ستوفال، كبير الاستراتيجيين في CFRA: «يبدو أن المستثمرين يعتقدون أن الأسوأ قد انتهى وأن سبب الذعر قد زال إلى حد كبير»
مؤشر CNN للخوف والطمع الذي يقيس مشاعر السوق كان يشير إلى «خوف شديد» في أبريل حيث وصل إلى 3 نقاط فقط من أصل 100 لكنه تعافى بالكامل منذ ذلك الحين ويدخل الآن منطقة «الطمع» وربما يتجه نحو «الطمع الشديد».
وقد قادت شركات التكنولوجيا الانتعاش خاصة بعد أن استثنت إدارة ترامب الهواتف الذكية والإلكترونيات من الرسوم الجمركية الخاصة بكل دولة فقد قفز سهم أبل وأمازون بأكثر من 20% لكل منهما منذ 8 أبريل بينما ارتفع سهم إنفيديا بأكثر من 40%.
لكن الانتعاش لم يقتصر على التكنولوجيا بل شهدت قطاعات الاستهلاك والصناعة والخدمات والمالية أيضاً ارتفاعات قوية.
تراجع المخاوف من الركود
مع كل خطوة لتخفيف الرسوم الجمركية عمد المحللون إلى خفض احتمالات الركود الاقتصادي وفقاً لتوقعات بنك JPMorgan فإن احتمالية دخول الولايات المتحدة في ركود أصبحت الآن أقل من 50% مقارنة بـ60% في مطلع أبريل.
أما غولدمان ساكس فإنه يقدر الاحتمال حالياً بـ35% بعد أن كان عند مستوى الـ45% كما تراجعت توقعات الركود على منصة Polymarket من 66% إلى 39%.
وقال يارديني: «كان هناك قلق هائل من أن تؤدي رسوم ترامب إلى اضطراب عالمي وزيادة احتمالية الركود وترامب لم يكن في وضع يسمح له بترك الأمور تتفاقم»
الرسوم الجمركية لا تزال مرتفعة
ورغم التراجع الأخير فإن مستوى الرسوم الجمركية الأميركية لا يزال الأعلى منذ عام 1934 إذ يبلغ متوسط المعدل الفعلي حوالي17.8% وفقاً لمركز Budget Lab بجامعة ييل أما الرسوم المفروضة على الصين فقد انخفضت من145%إلى30% وهي نسبة كافية لتحريك عجلة التجارة مجدداً لكنها لا تزال تضغط على الأسعار.
ويقول غوردون من تشارلز شواب: «ما زلنا أمام سياسة تجارية متطرفة نسبياً» ورغم تطمينات البيت الأبيض بأن الأثر الاقتصادي سيكون محدوداً فإن العديد من الاقتصاديين يتوقعون موجة تضخم وفقدان وظائف وإن كان حجم التأثير لا يزال محل جدل
هل انتهى الأسوأ؟
هذا الانتعاش السريع أثار أيضاً مخاوف جديدة إذ يرى بعض المحللين أن السوق قد تجاوزت حدودها وقد كتب مارك هاكيت كبير الاستراتيجيين في Nationwide: «لقد انتقلت السوق من منطقة البيع المفرط إلى الشراء المفرط في وقت قياسي وهذا يحد من إمكانية الصعود ما لم نشهد تسارعاً واضحاً في النمو»
وفي نفس السياق حذرت UBS من أن البيانات الاقتصادية قد تبدأ بالتباطؤ خلال الأشهر المقبلة مما قد يشكل عقبة أمام استمرار الارتفاع وقد خفض البنك تصنيفه للأسهم الأميركية من “جذابة” إلى “محايدة” مشيراً إلى أن معظم الأخبار الإيجابية قد تم تسعيرها بالفعل
.
ويشير ستوفال إلى أن الارتفاع القوي لا يعني بالضرورة انتهاء الأسوأ مشيراً إلى أنه ثلثي الأسواق الهابطة منذ الحرب العالمية الثانية سجلت مستويات متدنية جديدة بعد تعافٍ أولي
.
يبقى أكبر عامل غموض في السوق هو الرئيس ترامب نفسه وموقفه المتقلّب تجاه التجارة إذ يمكن لتغريدة واحدة منه إشعال الأسواق صعودًا أو هبوطًا
.
يُختتم الحديث بتصريح ستوفال الذي قال: “ما حدث كان تصحيحًا مصطنعًا ويمكن أن يتكرر مرة أخرى إذا قرر الرئيس تغيير رأيه مرة أخرى”
قد يهمك أيضاً :-
- ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم مع إعلان EGA الإماراتية عن خططها لتلبية نصف الطلب العالمي على الألمنيوم منخفض الكربون بحلول 2040
- ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم مع تباين أداء وول ستريت وانهيار أسهم يونايتد هيلث
- ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم مع تراجع أسعار النفط وسط تقدم محتمل في مفاوضات واشنطن وطهران
- ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم مع إطلاق أكبر مجمع للذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة في أبوظبي
- أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق العالمية اليوم وسط انهيار مفاجئ لشركة كبرى في مؤشر داو جونز
تعليقات