ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم الخليج يعيد رسم خريطته الغذائية من «المراعي» إلى «أغذية»

ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم  
الخليج يعيد رسم خريطته الغذائية من «المراعي» إلى «أغذية»

في السنوات القليلة الماضية، لم يكن أحد يتوقع أن تتحول دول الخليج التي تعتمد على استيراد أكثر من 85 في المئة من احتياجاتها الغذائية إلى مراكز إقليمية لإنتاج وتصنيع وتصدير الغذاء. لكن التغيرات الجذرية في السياسات الاقتصادية، بالإضافة إلى التحديات المتزايدة المتعلقة بالأمن الغذائي وسلاسل الإمداد العالمية، دفعت دول الخليج، وخاصة الإمارات والسعودية، إلى تبني استراتيجيات تصنيع غذائي طموحة تعتمد على التكنولوجيا.

السعودية تقود.. والمراعي في الصدارة

تواصل شركة «المراعي» في السعودية ترسيخ مكانتها كأكبر منتج للألبان والعصائر في المنطقة، حيث تستفيد من شبكة لوجستية متطورة وقدرة إنتاجية تصل إلى ملايين اللترات يومياً. ومن جهة أخرى، تلعب شركة «صافولا» دوراً محورياً في دعم وتمويل القطاع الغذائي عبر استثماراتها المباشرة وحصصها في شركات قائمة مثل «المراعي». وقد حققت الشركة إيرادات تجاوزت 16.7 مليار ريال سعودي في عام 2023، مقارنة بـ14.4 مليار ريال فقط في عام 2018، بينما بلغ صافي أرباحها التشغيلية 2.69 مليار ريال في 2023 مقارنة بـ2.01 مليار ريال في عام 2021، مما يعكس تحسناً ملحوظاً في كفاءة التشغيل.

مجموعة صافولا أيضاً شهدت نمواً كبيراً حيث رفعت إيراداتها إلى نحو 26.8 مليار ريال سعودي خلال العام الجاري محققة أرباح تشغيلية تجاوزت 2.3 مليار ريال، ما يجعلها واحدة من الركائز الأساسية للنظام الغذائي السعودي.

«أغذية» الإماراتية.. قصة صعود مدفوعة بالتكنولوجيا والاستحواذات

تحولت شركة «أغذية» الإماراتية خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى نموذج يحتذى به للتطور من شركة محلية إلى لاعب إقليمي بارز بفضل اعتمادها المبكر على الرقمنة والذكاء الاصطناعي وإجراء سلسلة من الاستحواذات النوعية في أسواق مثل السعودية ومصر والمغرب. ففي عام 2024 وحده، استحوذت «أغذية» على شركتي «ناد فود» المصرية و«تارجت» السعودية مما عزز مكانتها وأدى لتوسيع محفظتها بشكل كبير.

إلى جانب ذلك، أطلقت الشركة مبادرات مشتركة مع مايكروسوفت لتحسين كفاءة سلسلة التوريد باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهو ما ساهم بتقليل التكاليف التشغيلية بنسبة تصل إلى 12% وزيادة الإيرادات الرقمية.

السوق يتوسّع والأمن الغذائي يتعزز

تشير البيانات إلى أن استهلاك الأغذية في منطقة الخليج وصل تقريباً إلى 49 مليون طن بحلول عام 2022 ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم ليصل إلى نحو 63.5 مليون طن بحلول عام 2030. وفي السياق نفسه، بلغت مساهمة الصناعات الغذائية في الناتج المحلي غير النفطي حوالي 4.3% خلال العام الجاري وذلك بفضل زيادة الاستثمارات الصناعية ومبادرات الأمن الغذائي الوطني.

الأمن الغذائي وتقليل الواردات.. الإمارات مثال يحتذى

على الرغم من الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية حيث تجاوزت واردات الأغذية للخليج الـ35.2 مليون طن خلال عام 2024 إلا أن الدول بدأت تعزز الإنتاج المحلي بشكل ملحوظ. وفي الإمارات تحديداً ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي لبعض المنتجات مثل الدقيق والمياه المعبأة والأعلاف لتصل لأكثر من 60%. وقد أطلقت الحكومة استراتيجية الأمن الغذائي لعام 2051 التي تركز على دعم الإنتاج المحلي باستخدام التقنيات الزراعية الحديثة.

جدير بالذكر أنه لا يقتصر التحول الذي تشهده الإمارات فقط على تقليل الاعتماد على الواردات بل يمتد ليشمل تصدير الفائض للأسواق المجاورة وهذا ما بدأ يظهر فعلاً عبر صادرات شركات مثل «أغذية» و«المراعي»، الأمر الذي يسهم بشكل كبير في تعزيز الأمن الغذائي الإقليمي ويعكس نضوج السوق الخليجي بأسره.

أبرز الشركات في القطاع

اليوم لم تعد الشركات الخليجية تركز فقط على تلبية الطلب المحلي بل بدأت تتوسع إقليمياً أيضاً حيث تقوم «أغذية» بتصدير منتجاتها للأسواق الآسيوية وشمال إفريقيا بينما وسعت «المراعي» نطاق صادراتها لتشمل الأردن والعراق مما يدل على نجاح تلك الشركات وعزمها على تحقيق المزيد من النمو والازدهار.

في الختام يمكن القول إن التحولات الجارية حالياً داخل قطاع الصناعات الغذائية بالخليج ليست مجرد رد فعل تجاه الأزمات العالمية بل تمثل إعادة تشكيل شاملة لمنظومة الأمن الغذائي بالاعتماد على الإنتاج والتكنولوجيا والتكامل الإقليمي مما يفتح آفاق جديدة للتصدير ويساعد اقتصادات هذه الدول غير النفطية لتحقيق مزيدٍ من الاستدامة والنمو.

قد يهمك أيضاً :-