ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم وسط أزمة ثقة تواجه المركزي الياباني

تتزايد الضغوط على الخطط النقدية للبنك المركزي من مختلف الجهات، حيث يسعى البرلمان إلى زيادة الإنفاق وتحقيق توسع مالي كبير، مما يضعف الثقة في المتانة المالية للحكومة، وبالتالي يضطر البنك المركزي إلى تقديم عوائد مرتفعة على السندات لجذب المستثمرين لشرائها، في وقت بلغ فيه العائد على السندات طويلة الأجل مستويات قياسية بالفعل.

في المقابل، يعمل البنك المركزي الياباني على تقليص مشترياته من السندات تدريجياً والتخلص مما تبقى من برنامجه التحفيزي النقدي الكبير. ومن المتوقع أنه بعد انتهاء بنك الشعب الياباني من خطط التحفيز بالكامل، سيبدأ في تشديد السياسة النقدية، مما قد يعقد عملية شراء السندات طويلة الأجل ذات العائد المرتفع.

وفقاً لمحللين ومصادر مطلعة على المشاورات الداخلية للبنك المركزي، لا تزال وتيرة وتركيبة التشديد الكمي المستقبلي غير واضحة بسبب هذه المعضلة. وأوضح أحد المصادر أن أسعار الفائدة طويلة الأجل لم تعد أدوات مقبولة للسياسة النقدية لبنك اليابان، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في تأثير ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل على عوائد السندات متوسطة وقصيرة الأجل التي سيتعين على بنك الشعب الياباني الاعتماد عليها.

حتى الآن، شهدت عوائد سندات الحكومة اليابانية طويلة الأجل ارتفاعاً مستمراً منذ أبريل الماضي، رغم استقرار عوائد السندات ذات آجال الاستحقاق الأخرى. وقد سجل عائد السندات لأجل 40 عاماً أعلى مستوى قياسي له عند 3.44 بالمئة يوم الاثنين.

شهد طلب شركات التأمين تراجعاً على السندات طويلة الأجل رغم ارتفاع عوائدها، كما تدهورت النظرة المستقبلية للسوق تجاه الوضع المالي لليابان وسط توقعات بتدهور هذا الوضع بسبب مطالب المشرعين بزيادة الإنفاق وإجراء تخفيضات ضريبية قبل انتخابات مجلس الشيوخ المزمع إجراؤها في يوليو المقبل.

وفي هذا السياق، أشار كاتسوتوشي إينادومي، كبير الاستراتيجيين في شركة سوميتومو ميتسوي ترست لإدارة الأصول، إلى أن المستثمرين يتجنبون شراء السندات طويلة الأجل بسبب المخاوف من المشكلات المالية المستقبلية في اليابان. وهذا الأمر يؤدي إلى تآكل السيولة المتاحة للبنك المركزي ويسبب تشوهات غير مسبوقة في السوق الياباني.

وقت حساس

يأتي الاضطراب الحالي في السوق في وقت حساس لبنك اليابان الذي سيُراجع خلال اجتماع السياسة النقدية الشهر المقبل برنامج التيسير الكمي القائم حتى مارس 2026. كما سيقدم خطة جديدة لتقليص مشتريات السندات اعتبارًا من أبريل 2026.

وبموجب الخطة الحالية يُبطئ بنك اليابان مشترياته من السندات بنحو 400 مليار ين (2.74 مليار دولار) كل ربع سنة لتصل إلى 3 تريليونات ين (20.5 مليار دولار) بحلول مارس 2026 بانخفاض قدره 8 بالمئة عن الإنفاق الحالي البالغ 3.9 تريليون دولار.

الأسبوع المقبل سيُجري بنك اليابان مشاوراته مع البنوك وشركات التأمين والجهات المعنية الأخرى لمعرفة آرائهم حول الوتيرة المثلى لتقليص برنامج التسهيل الكمي. وستشكل هذه النتائج أساساً لقرار مجلس الإدارة بشأن خطط التسهيل الكمي ومراجعة أسعار الفائدة يومي 16 و17 يونيو المقبل.

انعدام اليقين

بعد بداية سلسة نسبياً لإنهاء فترة أسعار الفائدة السلبية العام الماضي، واجه البنك المركزي الياباني بعض التعطل نتيجة التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مما أدى إلى تأخير رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل. إذ تحتاج الصناعات اليابانية لاستمرار التحفيز لمواصلة نشاطها التصديري وسط ظروف سوق مضطربة.

وقد يُثني ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل بنك اليابان المركزي عن تسريع وتيرة التخفيض التدريجي لخططه المستقبلية وفقًا للمحللين الذين يرون أن البرنامج الجديد الذي يبدأ في أبريل 2026 قد يعاني أيضاً من انعدام اليقين إذا استمر التشوه الحالي للسوق.

التوسع المالي

على الرغم من مقاومة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا لدعوات خفض معدل ضريبة الاستهلاك، فإنه يتعرض لضغوط داخل حزبه لضخ حزمة إنفاق جديدة ستزيد الدين العام الضخم لليابان وتقلل ثقة المستثمرين بالسندات الطويلة الأجل ويجعلهم يطالبون بعوائد مرتفعة مقابل إقراض الحكومة عبر شراء تلك السندات.

تشير ماري إيواشيتا الخبيرة الاستراتيجية التنفيذية لأسعار الفائدة في شركة نومورا للأوراق المالية إلى وجود عوامل هيكلية قد تُبقي أسواق السندات هشة مثل تراجع حضور بنك اليابان في السوق وتناقص الإقبال على السندات الطويلة الأجل والاعتماد السياسي المفرط على الإنفاق المالي مؤكدة أن هذه العوامل لن تتغير بسهولة وأنه لا يمكن لبنك اليابان وحده إصلاحها.