ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم يثير القلق الذكاء الاصطناعي يتجاوز الفصول الدراسية، لكن لماذا تظل الجامعات أسيرة نمط المحاضرات التقليدي؟

ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم يثير القلق

الذكاء الاصطناعي يتجاوز الفصول الدراسية، لكن لماذا تظل الجامعات أسيرة نمط المحاضرات التقليدي؟

أعلنت دولة مؤخرًا عن دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية العامة من مرحلة الروضة وحتى الصف الثاني عشر، لتصبح واحدة من أوائل الدول على مستوى العالم التي تتبنى هذه الخطوة الجريئة، حيث تأتي الرسالة واضحة: المستقبل لمن يتقن الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن الحقيقة المُحرجة هي أن معظم الجامعات ليست مستعدة لمواجهة هذا المستقبل، ما يبرز أزمة وجودية حقيقية تتجاوز مجرد فجوة في السياسات التعليمية.

في هذا السياق، ناقش مؤتمر الشارقة الدولي الثاني للتعليم تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي وما بعده»، الذي أُقيم بالشراكة بين الجامعة الأميركية في الشارقة وجامعة الشارقة كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل دور الجامعات. كما تم التطرق إلى أهمية التوجيه البشري والمرافقة الأكاديمية كعناصر لا يمكن استبدالها.

استضاف المؤتمر الذي استمر يومين بين 2-13 مايو الحالي أسماء بارزة مثل البروفيسور دان مونتيث ومؤسسة EAB الاستشارية التي تتعاون مع العديد من الجامعات حول العالم، بالإضافة إلى جامعة نيويورك أبوظبي ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وأمازون ويب وغيرها. كان الهدف من هذا الحدث هو فهم المشهد التعليمي المتغير وكيف يمكن للمؤسسات الجامعية الحفاظ على دورها وسط التحول التقني المتسارع.

وفي تصريح لمدير الجامعة الأميركية في الشارقة الدكتور تود لارسون لـCNN الاقتصادية، قال: «الطلبة متقدمون علينا حقاً فهم لا يبحثون عن مهارات تقنية فقط بل عن معنى وهدف وعن مؤسسات تعكس العالم الذي هم على وشك قيادته».

بينما سيكون أطفال المدارس متمكنين من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، لا تزال قاعات الجامعات تعاني من مناهج قديمة وأساتذة مرهقين ونماذج تدريس لا تراعي الفروق الفردية. وفي ظل توفر المعرفة للجميع بطريقة أكثر تفاعلية وأحيانًا مجانية، باتت الرسالة واضحة؛ الجيل القادم لن ينتظر الجامعات حتى تواكب التطورات. كما قال أحد الخبراء: «إذا لم نتطور سنصبح بلا قيمة».

إدماج الذكاء الاصطناعي.. هل تأخرنا كثيراً؟

قال لارسون: «نحن بحاجة إلى طرق جديدة لتفاعل أعضاء الهيئة التدريسية مع الطلاب»، مشيرًا إلى تجربته كأستاذ هندسة قبل أن يصبح قياديًا جامعيًا. وأضاف أن التعليم التقليدي القائم على نموذج واحد يناسب الجميع لم يعد مجديًا مع تنوع احتياجات الطلبة اليوم.

كما أضاف: «الذكاء الاصطناعي يمنحنا أدوات رائعة لتخصيص التجربة التعليمية». ورغم توفر العديد من هذه الأدوات بالفعل، إلا أن المشكلة تكمن في تفوق الكثير من الطلاب على أساتذتهم في إتقان التكنولوجيا، مما يستدعي ضرورة تطوير مهارات الكادر الأكاديمي بشكل عاجل.

قوة الإرشاد البشري

رغم تصاعد دور الذكاء الاصطناعي، أكد مدير الجامعة أن الطلاب لا يزالون بحاجة إلى المؤسسات الجامعية خاصةً خلال المراحل التكوينية من حياتهم. وأضاف: «لم نخترع بعد بديلاً للنوع الاجتماعي والأخلاقي من النضج الذي يحدث داخل الحرم الجامعي».

وأشار لارسون إلى أنه ومن خلال سنوات طويلة في التعليم، لاحظ أن «80% مما يتعلمه الطلاب لا يحدث داخل القاعة الدراسية بل خارجها عبر التفاعل مع الأقران والملاحظة والتجربة». وهذه العوامل تُشكّل العادات الأساسية مثل التفكير الأخلاقي والحوار المحترم والتفكير النقدي.

نحو نموذج تعليمي جديد

وأكد لارسون أن التحرك الأخير لدولة الإمارات نحو دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج الوطنية يمثل خطوة جريئة لكنها تحتاج لإدارة ذكية. وقال: «إذا تجاهلنا الذكاء الاصطناعي سيتعلمه الطلاب بطريقة غير موجهة وهذا خطر خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والأخلاقيات والعدالة».

ودعا لارسون إلى مزيدٍ من التعاون بين القطاعين العام والخاص قائلاً: «لا يمكن مواجهة هذا التحدي فرادى؛ يجب أن تصبح مراكز التعليم والتعلم في الجامعات مختبرات للتجارب ومشاركة المعرفة». ورغم أن السياسات العامة لا تزال قيد التشكل إلا أن بعض الجامعات بدأت بالتكيف بالفعل.

وأضاف أنه هناك استثمارات في أدوات تقنية تستهدف مباشرةً الطلاب وأخرى تعمل خلف الكواليس لتحسين آليات القبول والتنبؤ بنجاح الطلبة وإعادة تصميم الدعم المالي ليصل إلى المحتاجين له. وقال: «لسنا فقط نردّ على الواقع بل نحن نُجرّب المستقبل مستندين إلى بيانات تمتد لـ25 عامًا لنطرح السؤال: ماذا لو غيرنا هذا القرار؟ كيف ستكون النتيجة؟»

وفي ردٍ إيجابي حول ما إذا كانت ستظل الجامعات أماكن للإلهام قال لارسون: «إذا خدمنا الطلاب جيداً وتقبلنا التغيير؛ التعليم هو ما يبقينا شباباً وهناك دائماً تحدٍ جديد في الأفق». واليوم لم يعد السؤال الحقيقي كيف نُدرّس الذكاء الاصطناعي بل مدى شجاعة الجامعات لإعادة اختراع ذاتها؟

قد يهمك أيضاً :-