أسعار الذهب ترتفع في الأسواق العالمية والاقتصاد العالمي يستعد لمرحلة انتقالية في 2025

أسعار الذهب ترتفع في الأسواق العالمية والاقتصاد العالمي يستعد لمرحلة انتقالية في 2025

يواجه الاقتصاد العالمي في عام 2025 عاماً انتقالياً حاسماً، حيث يعيد رسم ملامح الدورة الاقتصادية بعد عامين من النمو المفاجئ، وذلك بين إشارات التباطؤ وملامح التعافي.

أميركا.. من ازدهار إلى تباطؤ حاد

في الولايات المتحدة، كان التحول واضحاً بعد نمو قوي بلغ 2.8 في المئة في عام 2024، إذ شهد الاقتصاد انكماشاً طفيفاً بنسبة 0.1 في المئة خلال الربع الأول من عام 2025 على أساس ربع سنوي، مما يعكس تراجع ثقة المستهلكين والتأثيرات السلبية للرسوم الجمركية المرتفعة التي أقرّها الرئيس دونالد ترامب في أبريل.

تشير توقعات بي أن بي باريبا إلى تباطؤ النمو إلى 1.3 في المئة فقط هذا العام. ورغم أن التضخم قد هدأ إلى 2.7 في المئة بنهاية عام 2024، فإن التغيرات المحتملة في السياسات الاقتصادية قد ترفع المعدل مجدداً إلى 4 في المئة بحلول منتصف عام 2026.

يتجه الفيدرالي الأميركي نحو تثبيت أسعار الفائدة بين 4.25 و4.5 في المئة طوال عام 2025 بعد خفض إجمالي قدره نقطة مئوية واحدة في النصف الثاني من عام 2024.

الصين.. فقدان الزخم رغم التحفيز

على الجانب الآخر، بدأت الصين التي حققت نمواً بنسبة 5 في المئة خلال عام 2024 مدفوعة بحزم تحفيز نقدية ومالية وقطاعية، تفقد الزخم مع بداية الربع الأول من عام 2025 خاصةً بعد تراجع صادراتها نتيجة التوتر التجاري مع أميركا حتى بعد تقليص التعريفات الجمركية.

تحوّل الحكومة الصينية تركيزها نحو دعم الاستهلاك المحلي، لكن ضعف الثقة وتباطؤ سوق العقارات يحدّان من الاستجابة المطلوبة، بينما تبقى الضغوط الانكماشية قائمة.

منطقة اليورو.. محاولات للخروج من الركود الصناعي

أما منطقة اليورو، فتحاول الخروج من دائرة الركود الصناعي حيث يشكل الدعم المالي القوي من ألمانيا وارتفاع الإنفاق العسكري الأوروبي دافعاً للنمو خلال العامين المقبلين.

كما أن تراجع التضخم واستمرار دورة خفض الفائدة من البنك المركزي الأوروبي سيعززان مناخ الأعمال مع توقعات بخفض الفائدة إلى 1.75 في المئة بحلول يوليو المقبل.

مع ذلك، لا يزال الصراع التجاري مع أميركا والغموض الاقتصادي الذي يحيط بالصين يفرضان حواجز أمام تسارع الانتعاش المطلوب.

وفي فرنسا، فإن النمو شبه متوقف مسجلاً نسبة ضئيلة تبلغ 0.1 بالمئة فقط خلال الربع الأول بسبب ضعف الإنفاق الاستهلاكي وتراجع الصادرات بالإضافة إلى غياب تأثير الألعاب الأولمبية على النمو مما يخلق صورة قاتمة للاقتصاد الفرنسي.

المملكة المتحدة.. سياسات مرنة تقابلها قيود مالية

في بريطانيا تشير التوقعات إلى تباطؤ طفيف حيث ينتظر أن ينخفض النمو من 1.1 بالمئة في عام 2024 إلى حوالي 1 بالمئة خلال العام الحالي بينما يقابل ارتفاع الإنفاق الدفاعي آثار سلبية لحرب الرسوم الجمركية.

ورغم توجه السياسة النقدية نحو التيسير مع خفض تدريجي للفائدة إلا أن الإجراءات المالية الأكثر تقيداً تحدّ من أثر هذه السياسات على الاقتصاد المحلي.

اليابان.. استقرار نقدي ونمو ضعيف

أما بالنسبة لليابان فتبدو الصورة أكثر هدوءاً لكنها مقلقة حيث كان النمو محدوداً بنسبة ضئيلة بلغت 0.1 بالمئة فقط خلال العام الماضي ومن المتوقع أن يتوقف تماماً خلال عامنا الحالي خاصةً مع تراجع الصادرات إلى أميركا.

ما سيحدث لأسعار الفائدة؟

تكشف التوقعات للنصف الثاني من العام عن مشهد نقدي ومالي متباين بين الاقتصادات الكبرى إذ يُتوقع أن يثبت الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة عند مستوى الـ4.5 بالمئة حتى نهاية العام وسط توقعات باستقرار النمو وتصاعد التضخم مجدداً.

بينما تتراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات تدريجياً ما بين الربع الثاني والرابع لتصل إلى حوالي الـ4.20 بالمئة.

وفي منطقة اليورو سيواصل البنك المركزي الأوروبي دورة التيسير بخفض سعر الإيداع ليصل إلى مستوى الـ1.75 بالمئة بنهاية الربع الثالث وهو الحد الأدنى للتضخم المستهدف.

ومن المتوقع أيضاً أن ترتفع عوائد السندات الألمانية تدريجياً لتصل إلى حوالي الـ2.25 بالمئة بينما تصل نظيرتها الفرنسية والإيطالية والإسبانية لنحو الـ3.13 والـ3.40 والـ2.90 بالمئة على التوالي ما يعكس زيادة طفيفة في علاوة المخاطر السيادية.

يتحرك العالم حالياً على حافة دقيقة بين التعافي والانكماش ويُعتبر التضخم الذي كان يمثل تهديدًا كبيرًا قبل فترة أقل إلحاحًا الآن مقارنة بتباطؤ النمو وعدم اليقين التجاري الذي يلوح بالأفق ما يجعل قرار الفيدرالي الأميركي بالثبات وخفض الفائدة الأوروبية وبطء التحفيز الصيني عوامل ستحدد مسار الاقتصاد العالمي بالنصف الثاني لعامنا الحالي وإذا لم يتم احتواء التوترات التجارية فقد يعود خطر الركود مرة أخرى ولكن بصورة أكثر تعقيدًا.

قد يهمك أيضاً :-